للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢٠٠ - الفرق بين نعم وبلى]

ومن أوهامهم [الزارية على أفهامهم, العاكسة معنى كلامهم] أنهم لا يفرقون بين معنى نعم وبلى, فيقيمون إحداهما مقام الأخرى, وليس كذلك؛ لأن نعن تقع في جواب الاستخبار المجرد من النفي, فترد الكلام بعد حرف الاستفهام, كما قال تعالى: {فل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم} لأن تقديره وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً, وأما بلى فتستعمل في جواب الاستخبار عن النفي, ومعناها إثبات المنفي ورد الكلام من الجحد إلى التحقيق, وهي بمنزلة بل, حتى قال بعضهم: إن أصلها بل, وإنما زيدت عليها الألف ليحسن السكوت عليها, وحكمها أنها متى جاءت بعد ألا وأما وأليس رفعت حكم النفي وأحالت الكلام إلى الإثبات, ولو وقع مكانها نعم لحققت النفي وصدقت الجحد, ولهذا قال "ابن

ــ

ثم قال: (إنهم لا يفرقون بين معنى نعن وبلى, فيقيمون إحداهما مقام الأخرى, وليس كذلك؛ لأن "نعن" تقع في جواب الاستخبار المجرد من النفي, فترد الكلام الذي بعد حرف الاستفهام). قال "ابن بري: اعلم أن "نعم" مصدقة للجملة التي قبلها فيقدر إعادتها بعد "نعم" من غير استفهام, فإذا قال: أزيد قائم؟ فقلت: نعم فتقديره: نعم زيد قائم, فإن قال: أزيد ليس قائماً؟ فقلت: نعم فتقديره: نعم ليس زيد قائماً, أبداً داخلة على الجملة التي قبلها تقديراً من غير استفهام, موجبة كانت أو سالبة. وأما "بلى" فلا تقع إلا بعد النفي موجبة للجملة, فإذا قال: أليس زيد قائماً؟ قلت: بلى فتقديره: بلى زيد قائم بتقدير جملة موجبة؛ لأنك تسقط أداة النفي مع حرف الاستفهام وتبقى الجملة بحالها. فإن قال: أليس زيد لا يملك ديناراً؟ فقلت: بلى فتقديره: لا يملك ديناراً, فيسقط النفي الأول المصاحب لألف الاستفهام لا غير, ويبقى الثاني لا يغيره, ولو أتيت بنعم في هذا الموضع لصار تقديره نعم ليس زيد لا يملك ديناراً فتوجب له ملك الدينار, وبلى تنفيه. (ولهذا قال "ابن عباس" ... الخ).

<<  <   >  >>