ومن الكنايات المستحسنة والمعاريض المستلحمة ما حكى أن عجوزا وقفت على "قيس بن سعد" فقالت: أشكو إليك قلة الجرذان، فقال لها: ما أحسن هذه الكناية، والله لأكثرن جرذان بيتك، وأمر لها لها بأحمال من تمر ودقيق وأقط وزبيب.
ــ
[ونظيره ما ذكره من ملح العجائز، وقولها: أشكو إليك قلة الجرذان ما كتبت إلى بعض الإخوان وقد أرملت داري:
(شكوت إلى مولاي ضيما أصابني ... وعفة فقر صيرتني كالخصي)
(فلا الهر يخشى الكلب في باب منزلي ... وجرذان داري ماشيات على العصي)
(اسم سدوم المضروب به المثل في جور الحكم).
المثل المشار إليه هو قولهم: أجور من قاضي سدوم، قال "ابن بري": المشهور عند أهل اللغة سدوم بدال غير معجمة، وهي قرية قوم "لوط" ويمكن أن يكون بالذال المعجمة قبل التعريب، فلما عرب أبدلت ذاله دالا، فيتوجه قول "ابن قتيبة" إنه بالذال يريد أن أصله الذال ثم غيرته العرب، وفيه بعد، وذكر أهل الأخبار أن "سدوم" ملك سميت باسمه القرية، ومثله كبير. قال "عمرو بن دراك العيدي":
(لهو في الفجر فوق أبي رغال ... وأجور في الحكومة من سدوم)
وقيل: إن "سدوم" هنا اسم القرية والتقدير من أهل سدوم.