ويقولون: فلان أنصف من فلان، إشارة إلي أ، هـ يفضل في النصفة عليه، فيحيلون المعنى فيه؛ لأن معنى هو أنصف منه، أي أقوم منه بالنصافة التي هي الخدمة، لكونه مصدر نصفت القوم أي خدمتهم، فأما إذا أريد به التفضيل في الإنصاف، فلا يقال إلا هو أسحن إنصافاً منه أو أكثر إنصافاً، وما أشبه ذلك، والعلة فيه أن الفعل من الإنصاف: أنصف. وأفعل الذي للتفضيل لا يبني إلا من الفعل الثلاثي لتنظيم حروفه فيه، إذا لو بني مما جاوز الثلاثي لاحتيج إلي حذف جزء منه، ولو فعل ذلك لاستحال البناء هدماً والزيادة المجتلبة له لما. فأما قول «حسان بن ثابت»:
(كلتاهما حلب العصير فعطاني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل)
فإنما قال أرخهما، والقياس أن يقال: أشدهما إرخاء، لأن أصل هذا الفعل رخو، فبناه منه، كما قالوا: ما أحوجه إلي كذا فبنوه من حوج، وإن كان قياسه أن يقال: ما أشد حاجته.
ــ
(ويقولون: فلان أنصف من فلان إشارة إلي أنه يفضل في النصفة عليه، فيحرفون القول ويحيلون المعنى فيه، لأن معنى هو أنصف منه بالنصافة التي هي الخدمة لكونها مصدر نصفت القوم أي خدمتهم، فإذا أريد التفضيل في الإنصاف فلا يقال إلا هو أحسن إنصافاً منه أو أكثر إنصافاً).
إنكاره لأنصف ليس من الإنصاف كما قال ابن بري)، والذي أداه إلي ارتكاب مثله ما اشتهر من أن «أفعل» لا يصاغ إلا من الثلاثي، لكن إذا جاء النص هرب القياس، وقد ورد سماعه كما ورد: هو أيسر منه، وأمثاله.
وحكى «أبو القاسم الزجاجي» أن «حسان بن ثابت» -رضي الله تعالى عنه- لما أنشد النبي (صلى الله عليه وسلم) قوله: