والأصل في مأزورات موزورات لاشتقاقها من الوزر، كما أن الأصل في لامة ملمة لأنها فاعل من ألمت، إلا أنه صلى الله عليه وسلم قصد أن يعادل بلفظ مأزورات لفظ مأجورات، وأن يوازن بلفظ لامة لفظتي تامة وهامة [ومثله قوله. عليه السلام "من حفنا أو رفنا فليقتصد" أي من خدمنا أو أطعمنا، وكان الأصل أتحفنا فأتبع حفنا رفتا].
ويروى في قضايا "علي" عليه السلام أنه قضى في القارصة والقامصة والواقصة بالدية أثلاثا، وتفسيره أن ثلاث جوار ركبت إحداهن الأخرى فقرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت الراكبة ووقصت، فقضى للتي وقصت أي اندق عنقها
ــ
الثاني: أنه إذا دار الأمر بين إسناد الحكم إلى المناسبة وإسناده إلى أمر مقتض الكلمة نفسها تعين الثاني.
وزعم "ابن الأعرابي" أن الغدايا لم تقل للمناسبة، وإنما هي جمع غدية، واستدل لثبوته بقوله:"ألا ليت شعري ... " البيت السابق، ولا دليل فيه لجواز أن يكون إنما جاز غديات لمناسبة عشيات، لا لأنه يقال: غدية. اهـ.
وما قاله "ابن الأعرابي" إن لم يكن له دليل غبر ما أنشده - ورد عليه "ابن هشام" ما قاله - فلا يتم كلام المحشي الذي قدمناه والظاهر خلافه.
(وقالوا: هنأني الشيء ومرأني، فإن أفردوا قالوا: أمرأني) قال "ابن بري": حكى أهل اللغة مرأني وأنرأني لغتين. أقول: ما ذكره المصنف بغينه من "أدب الكاتب" كما هو شأنه في كتابه هذا، وعبارته عليه بأن حكى في باب فعلت وأفعلت بلا اشتراط ازدواج، وكذا قال "الزجاج" وأجاب بأن الحكم أن يقال: أنه إذا انفرد جاز فيه اللغتان، فإذا ذكر مع هنأ قيل: مرأ بلا ألف لا غير على الاتباع.