كما يجمع فعل على أفعل نحو زمن وأزمن، ثم ألحقه علامة التأنيث التي تلحق الجمع في مثل قولك ذكورة وجمالة، فصار حينئذ أندية.
وكان "أبو العباس المبرد" يرى أنه جمع "ندي" وهو المجلس لا جمع ندى، واحتج في ذلك بأن عادة العرب عند اختلاف الأنواء وإمحال السنة الشهباء أن تبرز أماثل كل قبيلة إلى ناديهم، فيواسوا بفضلات الزاد ويصرفوا ما يقمر في الميسر إلى محاويج الحي، وهذا هو نفع الميسر المقرون بنفع الخمر في قوله تعالى:{وإثمهما أكبر من نفعهما}[البقرة: ٢١٩].
ــ
(يا ربة البيت قومي غير صاغرة ... أمي إليك رجال القوم والقربا)
والمراد بجمادي زمن جمود الماء، وخص الكلب لأنه أبصر الحيوانات ولأنه يربض عند الخباء، وما ذكره من أن أندية جمع الندى قول، وقد وجه بأنه لما كان بمعنى الرذاذ والرشاش الذي يجمع هذا الجمع حمل على نظيره الذي هو بمعناه، وكان "المبرد" يقول: هو جمع ندي - فعيل - بمعنى مجلس، لأنهم كانوا في الشتاء والقحط يجلسون للنظر في أحوال الضعفاء، فلا وجه لما قيل من أنه غير مناسب لمعنى هذا الشعر.
وقيل: إنه جمع ندى على نداء بزنة كساء، ثم جمع هذا على أندية، ورده "السهيلي" بأن فعالا جمع كثرة فلا يجمع هذا الجمع الذي هو للقلة، وقيل: هو أفعل بالضم كزمن وأزمن فكسر لاعتلال آخره، ثم لحقته تاء المبالغة، قاله "المرزوقي". وقال آخرون: هو جمع الجمع، وقد سمعت آنفا ما يرد به "السهيلي" فتذكر، فإن الذكرى تنفع.