ومن هذا الباب قولهم: رجل مأووف العقل فيلفظون به على الأصل، ووجه القول أن يقال: مئوف العقل على وزن مخوف، وكذلك يقال: زرع مئوف، وكلاهما مأخوذ من الآفة، ونقلت الكلمة في مخوف على ما بيناه في مصون.
وشذ من هذا الباب قولهم: مسك مدؤوف وثوب مصوون فلفظوا به على الأصل، وهو مما لا يعبأ به ولا يقاس عليه.
ومن شجون هذا النوع قولهم: فرس مقاد وشعر مقال وخاتم مصاغ وبيت مزار، والصواب أن يقال فيها: مقود ومقول ومصوغ ومزور.
كما حكي أن "الخليل بن أحمد" عاد تلميذا له فقال تلميذه: إن زرتنا فبفضلك أو زرناك فلفضلك فلك الفضل زائرا ومزورا. ومثله قول "جميل":
ــ
(حيثما زرتنا وزرناك يا من ... لم نزره زورا ولا زار زورا)
(فلفضل هذا وذاك بفضل ... فلك الفضل زائرا ومزورا)
وللإمام الشافعي وأحمد بن حنبل وكانت بينهما مودة رحمهما الله تعالى:
(قالوا: يزورك أحمد وتزوره ... قلت: الفضائل لا تفارق منزله)
(إن زراني فبفضله أو زرته ... فلفضله، فالفضل في الحالين له)
(ومن هذا النمط قولهم: مبيوع ومعيوب، والصواب أن يقال فيهما: مبيع ومعيب على الحذف).
هذا أيضا مما جاء على طرازه وليس كما قال؛ فإنه سمع عن العرب مبيوع ومعيوب على خلاف القياس، وفي "القاموس" هو معيب ومعيوب، وفيه أيضا مبيع، وكل هذا على الأصل، فما ذكره إلا من ضيق العطن [ويقال لمن أصابته العين: معين ومعيون، قال الشاعر: