شهور السنة الهاء والألف لكثرتها. وكذلك اختاروا أيضًا أن ألحقوا بصفة الجمع الكثير الهاء فقالوا: أعطيته دراهم كثيرة وأقمت أيامًا معدودة. وألحقوا بصفة الجمع القليل الألف والتاء، فقالوا: أقمت أيامًا معدودات وكسوته أثوابًا رفيعات وأعطيته دراهم يسيرات. وعلى هذا جاء في التنزيل في سورة البقرة: » وقالوا لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودة «وفي سورة آل عمران: » إلا أيامًا معدودات «كأنهم قالوا أولا بطول المدة التي تمسهم فيها النار ثم تراجعوا عنه فقصروا تلك المدة.
ــ
حتى ينتهي ضوؤه. وقد نقل هذه الأقوال "الأنصاري"، ووافقوه في بعضه فلا يختص [المستهل] بأوله، وفي بعض شروخ "التسهيل" أنه يقال غرة من يوم إلى ثلاثة فأما المفتتح فيختص بأوله ويصح عند بعضهم أن يقال: مستهل في أول يوم وثانيه وثالثه كما يقال: غرة، ومنعه بعضهم فقد علمت مما قصصناه عليك أنه مختلف فيه، وعلى فرض اختصاصه بما ذكر يصح إطلاقه على اليوم لمجاورته لليلة وكلامهم يقتضي صحته. وفي "تذكرة ابن هشام" من تأمل أقيسة كلام العرب علم أن الواضع لم يحجر في ما منعه "أبو علي" من أنه لا يقال مستهل في أول يوم من الشهر، وذلك لأن استهلال الهلال إنما يكون في الليلة، وتبعه "الحريري".
وقد أجاز النحاة أن يقال في أول يوم من الشهر: مفتتح وهلال. قالوا: فإن [خفي] الهلال أول يوم منه قيل في الثاني: هلال.
واختلفوا: هل يصح استعمال هلال في الثاني ولو أنه ظهر أول يوم؟ وهل يستعمل أيضًا في الثالث؟ فالمحققون منعوه، وظاهر كلامهم أن الغرة تستعمل أول يوم والثاني والثالث بلا خلاف، كما في "شرح الجمل لابن عصفور" وتحريره أنك تؤرخ تارة تفصيلاً وتارة إجمالاً.