عنه: إنه تأتينا من أمير المؤمنين كتب لا ندري أيها نعمل بها، فقد قرأنا صكًا محله "شعبان" فلم ندر أي الشعبانين الماضي أم الآتي؟
وقيل: رفع إلى "عمر" صك محله "شعبان" فقال: أي "شعبان" هو؟ ثم قال: إن الأموال قد كثرت فينا وما قسمناه غير مؤقت، فكيف التوصل إلى ضبطه؟ فقال له ملك "الأهواز" - وكان أسر في فتح فارس وأسلم على يد "عمر": إن للعجم حسابًا يسمونه "ماه روز" يسندونه إلى من غلب من الأكاسرة، فعربوا لفظ "ماه روز" بمؤرخ، وجعلوا مصدر التاريخ وصرفوه، ثم شرحه له وبين كيفيته. فقال "عمر": ضعوا للناس تاريخًا يتعاملون عليه ويضبط أوقاتهم. فذكر له تاريخ اليهود فما ارتضاه، ثم تاريخ الفرس فما ارتضاه، فقال: نؤرخ من لدن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يختلف فيها، بخلاف مبعثه وولادته.
وأما وقت وفاته - وإن تعين - يلا يحسن جعله أصلا. ووقت الهجرة وقت استقامة الإسلام وتوالي الفتوح وغلبة المسلمين، وكانوا يعينون قبل ذلك كل سنة باسم ما وقع فيها كسنة الإذن بالرحيل من مكة إلى المدينة وسنة الأمر بالقتال. اهـ.
وفي "النبراس" كانوا [على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يؤرخون بسنة المقدم وبأول شهر] منها وهو "ربيع الأول" على الأصح.
وقوله:(على أن العرب ... إلخ) في "شرح الهادي" إذا كان الجمع لغير ذي العلم جاز إلحاق العلامة وتركها، تقول: ذهبت الأيام وذهب الأيام، ويجوز في مضمره التاء والنون فتقول: الأيام ذهبت وذهبن، لكن الأولى النون مع جمع القلة كقولك: الأجذاع انكسرن، والتاء مع جمع الكثرة، كالجذوع انكسرت، لأن جمع القلة لا يميز إلا بالجمع، فجيء بالنون للدلالة على الجمع، وجمع الكثرة يجري مجرى العدد الكثير، وذلك لا يميز إلا بالمفرد، فجيء بالتاء التي تكون للمفرد، فاتضح ما ذكره المصنف.