وزن فعال الذي صيغ للتكثير، وهو سبحانه منزه عن الظلم اليسير؟ فأجاب بأن أقل القليل من الظلم لو ورد منه - وقد جل سبحانه عنه - لكان كثيرًا لاستغنائه عن فعله وتنزهه عن قبحه، وهذا كما يقال: زلة العالم كبيرة).
في هذه الآية وجوه:
منها، هذا وهو كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
ومنها: أن العدول إلى صيغة المبالغة للتنبيه على أن شأنه تعالى، يقتضي أن كل وصف يثبت له يبلغ حد الكمال، واختاره بعض المتأخرين قيل ولا يرد عليه أن هذا في صفات الكمال، وأما صفات النقص السلبية التي تتنزه عنها ساحة جلاله فلا يلزم فيها ما ذكر لأن كل صفة تثبت له تعالى ولو فرضًا تصير [كمالية]، فتأمل.
وأجاب "القاضي" بأن كثرة العبيد تستلزم كثرة الظلم، والمبالغة راجعة إلى الكم، وأورد عليه أن نفي مبالغة الظلم لا يستلزم نفي أصله، بل ربما يدل على خلافه بدليل الخطاب، وبرجوع النفي إلى القيد، ورفع الإيجاب الكلي لا ينافي الإيجاب الجزئي، وأجيب عنه بأنه قصد به نفي الظلم لجنس العبيد، وهو يستلزم أن لا يظلم واحد منهم فيفيد عموم النفي، قيل: إلا أن يقصد بنفي المبالغة المبالغة في النفي، وفيه أن المبالغة الأولى في الكم والثانية في الكيف وبينهما مباينة ظاهرة، وأيضًا نفي القيد الذي لم يعبر عنه بلفظ مستقل، وإن صرح به بعض المحققين في "حواشي الكشاف" لا يصفو من الكدر.
وقيل: فعال هنا للنسبة كعطار وبقال، ولذا قيل: إنه لم يقصد به المبالغة، وقيل: نفي الظلام لازم لنفي الظالم، لأنه إذا انتفى أصل الظلم انتفى كماله، فنفي المبالغة كناية عن نفي الأصل، وقيل: إذا انتفى الظلم الكثير انتفى الظلم القليل؛ لأن الذي يظلم إنما