سمى الساعة آزفة وهي منتظرة لا حاضرة وقال عز وجل فيها:{أزفت الآزفة} أي دنا ميقاتها وقرب أوانها كما صرح جل اسمه بهذا المعنى في قوله سبحانه: {اقتربت الساعة} والمراد بذكر اقترابها التنبيه على أن ما مضى من أمد الدنيا أضعاف ما بقي منه ليتعظ أولو الألباب به.
ومما يدل أيضاً على أن أزف بمعنى اقترب قول "النابغة":
ــ
تقول:(أزف الشيء بمعنى دنا واقترب لا بمعنى حضر ووقع). يعني وما تضايق فقد وقع وحضر، فهذا كناية عما أراد فلا وجه لما في "الحواشي" من أن هذا نقض لما قدمه، ولم يذهب إلى هذا أحد، إنما يذهبون إلى تضايق وقت الصلاة ومشارفة تصرمه، وإذا قرب زمان الساعة الأولى من الثانية فقد أشرف على التصرم وكلما ازداد قرباً منه كان إشرافه على التصرم أزيد، أزف الترحل غير أن ركابنا
هذا من قصيدة "للنابغة" يمدح بها النعمان وأولها:
(من آل مية رائحٌ أو مغتدي ... عجلان ذا زاد وغير مزود)
(زعم البوارح أن رحلتنا غداً ... وبذاك تنعاب الغراب الأسود)
(لا مرحباً بغدٍ ولا أهلاً به ... إن كان تفريق الأحبة في غد)
(أزف الترحل غير أن ركابنا ... وما تزل برحالنا وكأن قد)
إلى آخر القصيدة، وهي طويلة، وروي "أفد" بدله، وهو بمعناه- كما مر-.