للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيكون ذلك انتفاء لها، كما أنه إذ أخبر عن الشئ بخلاف ما هو به كان ذلك انتفاء للصدق فيه، فمعني قوله: كذبت عليكم، أو عدوني لست لكم وإذا لم أكن لكم ولم أعنكم كنت منابذاً لكم ومنتفياً نصرتي عنكم ففي ذلك إغراء منه لهم به.

وقوله: كذب العتيق أي لا وجود للعتيق وهذا التمر فاطلبه، وقال بعضهم: قول الأعرابي- وقد نظر إلي جمل نضو له-: كذب عليك القت النوى. وروى: البزر والنوى، ومعناه أن القت والنوى ذكراً أنك لا تسمن بهما فقد كذبا عليك، فعليك بهما فإنك تسمن بهما.

وقال (أبو على): فأما من نصب البزر فإن عليك فيه لا يتعلق بكذب، ولكنه يكون اسم فعل، وفيه ضمير المخاطب، وأما كذب ففيه ضمير الفاعل، وكأنه قال: كذب السمن أي انتفى من تغيرك فأوجده بالبرز والنوى، فهما مفعولان وأضمر لدلالة الحال عليه في مشاهدة عدمه.

وفي (القصريات) قال (أبو بكر) في قول من نصب الحج، فقال: كذب عليك الحج. إنه كلامان كأنه قال: كذب، يعني رجلاً ذم إليه الحج، ثم هيج المخاطب على الحج فقال: عليك الحج. هذا وعندي قوله هو القول، وهو أنها كلمة جرت مجرى المثل في كلامهم، ولذلك لم تتصرف ولزمت طريقة واحدة في كونها فعلاً ماضياً معلقاً بالمخاطب ليس إلا، وهى في معنى الأمر كقولهم في الدعاء: رحمك الله.

والمراد بالكذب الترغيب والبعث من قول العرب: كذبته نفسه إذا منته الأماني وخيلت [له] من الآمال ما لا يكاد يكون، وذلك مما يرغب الرجل في الأمور ويبعثه على التعرض لها، ويقولون- في عكس ذلك-: صدقته نفسه إذا ثبطته وخيلت إليه المعجزة والنكد في الطلب، ومن ثم قالوا للنفس: الكذوب. قال (أبو عمرو بن العلاء): يقال للرجل يهدد الرجل ثم يكذب ويكع: صدقته الكذوب، وأنشد:

<<  <   >  >>