ويضارع هذه الحكاية في وطاءة القضاة المتقشفين للمستفتين وتلاينهم في مواطن اللين، ما حكي أن «حامد بن العباس» سأل «علي بن عيسى» في ديوان الوزارة عن دواء الخمار، وقد علق به، فأعرض عن كلامه وقال: ما أنا وهذه المسألة؟
فخجل «حامد» منه، ثم التفت إلى قاضي القضاة «أبي عمر» فسأله، فتنحنح القاضي لإصلاح صوته، ثم قال: قال الله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «استعينوا في الصناعات بأهلها» و «الأعشى» هو المشهور بهذه الصناعة في الجاهلية، وقد قال:
(وكأس شربت على لذة ... وأخرى تداويت منها بها)
ــ
(قلت للندمان لما ... مزقوا برد الدياجي)
(قتلتنا الراح صرفا ... فاقتلوها بالمزاج)
(فكأنه أراد أن يعلمه أنه قد فطن لما فعله، ثم ما اقتنع بذلك حتى دعا عليه بالقتل