والصواب عندي أنه جعلها أخرى بالنظر إلى اللات والعزى، وساغ ذلك لأن الموصوف بالأخرى وهو الثالثة يصح وقوعه على اللات والعزى، ألا ترى أن كل واحدة منهن ثالثة بالنظر إلى صاحبتها؟ وإنما اتجه عندي هذا لما ذكره «أبو الحسن» من أن استعمال آخر وأخرى من غير أن يتقدمهما صنفهما لا يجوز إلا في الشعر. اهـ.
ومن «المسائل الصغرى»«للأخفش» لا تستعمل العرب لفظ آخر إلا فيما هو من صنف ما قبله، فلو قلت: أتاني صديق لك وعدو لك آخر لم يحسن لأنه لغو من الكلام، وهو يشبه سائر وبقية وبعض في أنه لا يستعمل إلا في جنسه، فلو قلت: ضربت رجلاً وتركت سائر النساء لم يكن كلاماً.
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم «وجد خفة في مرضه فقال: انظروا من أتكى عليه، فجاءت «بريرة» ورجل آخر فاتكأ عليهما».
وليس المراد بالجنس [الجنس] المنطقي بل ما يشمل النوع والصنف والحاصل أنه لا يشترط على الأصح اتفاقهما في الإفراد والتذكير وما يقابلهما، وإنما يشترط أن يكون بينه وبين ما قبله اشتراك في معنى قصد اشتراكهما فيه لئلا يلغو الوصف.
وقوله قال (الفند الزماني) هو شاعر من شعراء الحماسة، والفند بفاء مكسورة ونون ساكنة ودال مهملة ومعناه في الأصل قطعة الحبل العظيمة، لقب به لعظم خلقه، أو لأنه قال لأصحابه يوم حرب: استندوا إلي فإنى لكم فند، قاله «المرزوقي». والزمانى بكسر الزاي المعجمة وتشديد الميم، نسبة إلى «زمان» أبو حي من بكر، كما في «الصحاح».