قل للفرزدق والسفاهة كاسمها ... إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس)
أي اقصد "نجدا".
وموجب هذا البيت أن "عمر بن عبد العزيز" لما كان واليًا على المدينة قال "للفرزدق": إن كنت تلزم العفاف وإلا فاخرج إلى "نجد" فإن المدينة ليست بدار مقامة لك.
وحكى "أبو عبد الله بن خالويه" قال: دخلت يومًا على "سيف الدولة بن حمدان" فلما مثلت بين يديه قال لي: اقعد، ولم يقل: اجلس، فتبينت بذلك اعتلاقه بأهداب الأدب واطلاعه على أسرار كلام العرب.
ــ
أولى، وكأن الأول رواه بالمعنى لظنه أنهما مترادفان، مع أن الفرق لو سلم فإنما هو بحسب الأصل ومقتضى [الاشتقاق]، ولتقارب معنييهما وقع كل منهما موقع الآخر وشاع حتى صار حقيقة عرفية.
وكان بعض مشايخنا يقول: كل لفظين تقارب معناهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، وهو من بديع المعاني، وقد سوى بينهما في "عمدة الحفاظ" و"القاموس"، وعليه تمثيل النحاة بقعدت جلوسًا في المفعول المطلق.
والقعود يكون مصدرًا وجمع قاعد كالجلوس، وأما الخروج فلم يرد إلا مصدرًا، وقيل: إنه يكون جمع خارج أيضًا كما في قولهم: هم خروج [وفيه نظر].
وفرق بعضهم بين القعود والجلوس بفرق آخر كما في "الإتقان" فقال: القعود ما تعقبه لبث بخلاف الجلوس، ولهذا يقال: قواعد البيت دون جوالسه للزومها، وهو جليس الملك دون قعيده لأنه يحمد منه التخليف، ولذا قيل:{مقعد صدق} لأنه لا زاول له، وقيل [في قوله - تعالى -: {تفسحوا في المجالس}] أنه يجلس يسيرًا.