وكما قالوا: إن السراب لا يكون إلا نصف النهار، والفيء لا يكون إلا بعد الزوال، والمقيل: الاستراحة وقت الهاجرة، والسمر حديث الليل خاصة، والطروق الإتيان ليلاً في قول أكثرهم، والإذلاج بإسكان الدال سير أول الليل والاذلاج بالتشديد سير آخره، والتأويب سير النهار وحده، والسرى سير الليل خاصة، والمشرقة وشرقة الشمس لا تكون إلا في الشتاء، فإن عارض معارض بقوله سبحانه:{سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً} فالجواب عنه أن المراد بذكر الليل،
ــ
قال في "نزهة الأنفس" يقال لكل اثنين اتفقا على خُلق واحد، لأن ظلمة إحدى الليلتين كظلمة الأخى، وأول من قاله "طرفة" وقد ضمنه "الصفي الحلي" فقال يدعو صديقاً كان زاره:
(شرفني أمس بنقل الخطا ... حتى انقضت لي ليلةٌ صالحة)
(فعد بها حتى يقول الورى ... ما أشبه الليلة بالبارحة)
(لا ترك الله له واضحة، أي لا أبقى له شيئاً، وقيل: بل أراد به المال الظاهر) لوضوحه بكونه مشاهداً محسوساً، وهو أقرب لفظاً، والأول أبلغ معنى، والواضحة: الأسنان أيضاً، وقد جوز أن يكون مراداً هنا أيضاً على أنه دعاء كقولهم: فض الله فاه.
ولما اختلف التعبير لاختلاف الزمان هنا استطرد المصنف فذكر أموراً جاءت عن العرب من هذا القبيل فقال: وقد خالفت العرب بين ألفاظ متفقة المعاني لاختلاف الأزمنة، وهو نبذ قليل مما استقصاه "الثعالبي" في كتابه "فقه اللغة وسر الأدب". ومما في