و [من] وهمهم أيضاً في الإمالة أنهم يقولون: هذه بكسر الهاء الأولى، والأصح أن تفخم الهاء ولا تمال.
وحكي أن أعرابية سمعت بنيا لها يقول: هذه الناقة فزجرته، وقالت له: أتقول هذه؟ ألا قلت: هذه؟
ــ
وقول "سيبويه" إمالا كأنه يقول: افعل هكذا إن كنت لا تفعل غيره، ولكنهم حذفوا إن لكثرة استعمالهم إياه وتصرفه حتى استغفوا عنه بهذا. قال "السيرافي": أي على معنى إن كنت لا تفعل غيره فافعل هذا، ثم زيدت ما كما تزاد في حروف الجزاء، ثم حذف الفعل لكثرة استعماله في كلامهم، وصارت "أما" مع "لا" كالشيء الواحد عندهم، فأجازوا فيهما الإمالة، ولو انفردت لم تجز فيها الإمالة، وكونها لا تمال مفردة مذهب "السيرافي" وتبعه المصنف، وفي شرح "التسهيل" حكي عن "قطرب" إمالة "لا" في الجواب وحدها بدون "إما"، وفي "المصباح" لا في قولهم "إما لا" فافعل هذا عوض عن الفعل، والتقدير إن لم تفعل ذلك فافعل هذا، والأصل فيه أن الرجل تلزمه أشياء يطالب بها فيمتنع منها ويقنع ببعضها فيقال له: إمالا، أي إن لم تفعل الجميع فافعل هذا، ثم حذف الفعل لكثرة الاستعمال وزيدت "ما" على "إن" توكيداً لمعناها، قال بعضهم: ولهذا تمال "لا" لنيابتها عن الفعل كما أميلت "بلى" و "يا" في النداء، ومثاله: من أطاعك فأكرمه ومن لا فلا تعبأ به، وقيل: الصواب عدم الإمالة لأن الحرف لا يمال كما قاله "الأزهري".
ثم اعلم أن "الزمخشري" في قوله تعالى {فليعبدوا رب هذا البيت}[قريش: ٣] قال في تقديره: إما لا فليعبدوا، فجعل إما لا مقدرة في النظم، وفيه نظر لا يخفى، فإن فيه إجحافاّ بتكرر الحذف وكثرته.