(إذا اجتمعوا على ألف وباء ... وتاء هاج بينهم قتال)
فإن عورض ذلك بفتح الميم من قوله تعالى في مفتتح سورة "آل عمران": {ألم الله لا إله إلا هو} فالجواب عنه أصل الميم السكون، وإنما فتحت لالتقاء الساكنين وهما الميم واللام من اسم الله تعالى، وكان القياس أن تكسر على ما يوجبه التقاء الساكنين، إلا أنهم كرهوا الكسر لئلا يجتمع في الكلمة كسرتان بينهما ياء هي أصل الكسرة، فتثقل الكلمة، فلذلك عدل إلى الفتحة التي هي أخف، كما بنى لهذه العلة كيف وأين على الفتح.
ــ
وحاصلة أن الفتح لالتقاء الساكنين وكان الأصل الكسر ولكنها فتحت للخفة، وهذ هو المشهور، وليست حركته حركة نقل؛ لأن النقل شرطه كون الهمزة همزة قطع عند "القراء" والنحاة، وتمحل "الزمخشري" لهذا فقال: حقها أن يوقف عليها كما وقف على ألف ولام وأن يبدأ بما بعدها، كما تقول: واحد اثنان وهي "عاصم"، وأما فتحها فهي حركة الهمزة ألقيت عليها حين أسقطت للتخفيف، فإن قلت: كيف جاز إلقاء حركتها عليها وهي همزة وصل لا تثبت في درج الكلام فلا تثبت حركتها لأن ثبات حركتها كثباتها؟ قلت: هذا ليس بدرج لأن الميم في حكم الوقف، والسكون والهمزة في حكم الثابت، وإنما حذفت تخفيفاً وألقيت حركتها على الساكن قبلها لتدل عليها، ونظيره قولهم: واحد اثنان بإلقاء حركة الهمزة على الدال.
فإن قلت: هلا زعمت أنها حركة الساكنين؟ قلت: لا، لأن التقاء الساكنين لا يبالى به في باب الوقف، واعلم أن "الزمخشري" خالف في هذا "الزجاج" و"أبا علي" وقوله في "المفصل" أيضاً، واختار أن الفتح لنقل الحركة لالتقاء الساكنين، وأورد حجة "أبي علي" سؤالا على نفسه واعتذر لمخالفته لنفسه فيما قاله في "المفصل" بأن غرضه فيه تلخيص كلام "سيبويه" فلذا تابعه هناك، وما ذكره هنا هو مختاره، وله تفصيل في شروح "الكشاف" فاعرفه.