والسماط الصف من الناس مأخوذ من السمط, ويقال لما يمد عليه الطعام تشبيهاً له أو للمجاورة. والعنعنة تكرير لفظة عن, [ومنه قول المحدثين: عنعنة فليست بمولدة كما توهمه المصنف.] وأما قصة "ليلى الأخيلية" فقيل نقلها عن "الشعبي" غير صحيح لأنه إمام ورع, وقد رويت على وجه آخر أنه قيل للمرأة ذلك فقالت له: كيف تقطع قول الشاعر:
(حولوا عنا كنيستكم ... يا بني حمالة الحطب)
فلما قطعه قال: ناكني وأراد أن يقول فاعلن, فقالت له: من هو الفاعل؟ اهـ. وهذه حكاية موضوعة. ولو قالته بعد قوله فاعلن لكانت النادرة أتم. وفي "فقه اللغة للصحابي" أجمع العلماء ورواة أشعار العرب وأيامها على أن قريشاً أفصح العرب ألسنة وأصفاهم لغة؛ لأن الله تعالى اختارهم من جميع العرب واصطفاهم واختار منهم نبي الرحمة فجعل قريشاً قطان حرمه وجيران بيته الحرام وولاته, وكانت وفود العرب حجاجها وغيرهم يفدون إلى مكة المشرفة للحج ويتحاكمون في أمورهم إلى قريش, وكانت قريش تعلمهم مناسكهم وتحكم بينهم, ولم تزل العرب تعرف لقريش فضلها وتسميها أهل الله, لأنهم الصريح من ولد إسماعيل - عليه السلام - لم تشبهم شائبة ولم تنقلهم عن مناسبهم ناقلة تفضيلا من الله وتشريفا؛ إذ جعلهم رهط نبيه الأدنين وعشيرته الصالحين, وكانت قريش على فصاحتها وحسن لغتها ورقة ألسنتها إذا أتتهم وفود العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلماتهم, فاجتمع ما تخيروه من تلك اللغات إلى سلائقهم التي طبعوا عليها فصاروا بذلك أفصح العرب, ثم يليهم في الفصاحة الست من القبائل وهم خمس من "هوازن" يقال لهم: عليا