(فالقد قطع الشيء طولاً والقط قطعه عرضاً) قال "ابن جني" في "الخصائص": القط أقل وأسرع من القد قطعاً، فلهذا جعلوه لقطع العرض لقوته وسرعته؛ لأن الدال مستطيلة فجعلت لما طال من الأثر وهو قطعه طولاً، وقط بمعنى حسب: اسم فعل.
(ما لك في مجلسي إلا القط فقط) فيه تجنيسٌ، والفاء زائدة أو في جواب شرط مقدر، وهذا من "أدب الكاتب" لا يقطعون أقلامم في الديوان ونحوه لئلا توطأ برايتها بالنعال، وكذا المغنون لا يصلحون الأوتار في مجالس الملوك، وكان "الصاحب" لا يبري قلماً في مجلس "شهنشاه"، فقال ناس: إنه لا يحسن براية الأقلام، فلما بلغه ذلك قال: أي أدب فيكم ليس لي حتى تتجاسروا بمثل هذا؟ وإنما علمني أبي الوزارة ولم يعلمني النجارة، وأقل أدبي براية القلم، ولكن هل فيكم من يكتب كتاباً تاماً بقلم كسرت رأسه؟ قالوا: لا نقدر على ذلك. فأخذ قلماً وكسر رأسه ثم كتب به درجاً تاماً حسناً فتعجبوا منه.
(وامتلأ الخوض وقال قطني)
وتمامه:(مهلاً رويداً قد ملأت بطني)
وهذا وأمثاله مما يحكى على ألسنة الحيوان والجماد، كما قالوا: قال الحائط للوتد: لم تشقني؟
قال: سل من يدقني.
(ومن أبيات المعاني) ... أبيات المعاني عند الأدباء فيها خفاءٌ لفظاً ومعنى كاللغز يسأل عن ذلك، و (عوكل) علم امرأة منقول، وأصل معناه الحمقاء، وأصل الخفاء في قوله "فقدنا" فإنه يوهم أنه ماضٍ من الفقد وليس بمراد، لأن فقد بمعنى فحسب ونرزؤها بمعنى نتقصها من الرزية.