المشركين طلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - إبعاد فقراء المؤمنين عن مجلسه وإخلاص مجلسه لهم لعل ذلك يكون أطوع إلى قبول هدايته والإيمان به فوقع في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع وحدَّث نفسه.
وهذا مشعر بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هَمَّ بإبعاد هؤلاء الفقراء عن مجلسه فنزلت الآية الكريمة تنهاه وتعاتبه على ما هَمَّ به.
روى الإمام مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال:" كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة نفر فقال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما. فوقع في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع، فحدّث نفسه فأنزل الله - عز وجل - (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ. . .).
وهذا أصح ما رُوي في سبب نزولها، وعند الحاكم في مستدركه جاء هذا الحديث عن سعد أيضاً من طريق سفيان ولم يذكر فيه ما جاء في رواية مسلم من قول سعد " فوقع في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع فحدَّث نفسه فنزلت الآية "، وإنما الذي جاء في حديث الحاكم أن سعداً قال: " نزلت هذه الآية في ستة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم ابن مسعود قال: كنا نستبق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وندنو منه ونسمع منه فقالت قريش: تدني هؤلاء دوننا فنزلت (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ).