ولا يخلو هذا من الإشعار الذي أشعر به حديث مسلم في كلام سعد، وإن كان حديث مسلم أصرح في الإشعار من حديث الحاكم.
ولعل حديث الحاكم دخله شىء من الاختصار، أو أن حديث مسلم روي بالمعنى فدخله شىء من التفصيل.
وحديث سعد -عند مسلم- صريح في أن العتاب في الآية وقع على ما حدَّث به النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه إن كان قد حدَّث نفسه بما قال سعد. والله اًعلم.
بيد أن حديث النفس أمر داخلي في النفس الإنسانية محجوب عن غير صاحبه، لا يطّلع عليه أحد من الخلق سوى من حدّث نفسه بما حدّثها به إن كان قد حدّثها فعلاً.
وهذا النظر يجعلنا نطمئن تماماً إلى ترجيح القول بأن رواية مسلم لحديث سعد هذا قد رويت بالمعنى، فدخلها تفصيل أخرجها من نسقها الصحيح الذي قاله سعد، إذ ما كان لسعد ولا لغيره من الناس كائناً من كان أن يطلع على ما دار بخلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آنذاك، ولا أن يتجرّأ بالقول عليه، وهو لم يخبر عن نفسه بشيء في هذا إن كان قد حدث من المشركين ما عُدَّ سبباً لنزول هذه الآية الكريمة.
وأيضاً لم يرد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سياق قول سعد في هذا الحديث قول ولا تقرير حتى يمكن أن يستأنس بشيء منه لما زُعم في ما نسب لسعد من قول في هذه الرواية.