والأمراء، كانوا يجتمعون بعد وفاة الملك لاختيار ملك من بين أظهرهم، فكان هذا النظام مدعاة لإثارة المنافسات بين الأمراء وكبار القوط، فلا غرابة في أن يكون تاريخ القوط في إسبانيا سلسلة من المؤامرات والحروب والاغتيالات.
بيد أننا ينبغي أن نستثني من سلسلة ملوك القوط نفراً أجمع المؤرخون على أنهم كانوا قادرين صالحين، وأنهم قدموا للبلاد خدمات حربية وعمرانية بعيدة الأثر، مثل: ششبرت (٦١٢ - ٦٢١م) - ( Sisiberto) الذي استولى على جميع أرجاء إسبانيا، وشنداسفنتو (٦٤٩ - ٦٧٢م) - ( Chindaswinto) الذي ألغى التفرقة بين أفراد الشعب، وحكم البلاد بمقتضى قانون جديد مزج فيه القانون الروماني القديم الذي كان قد سنّه الملك ألاريك الثاني، والقانون القوطي الذي وضعه يوريك، مما قرر السلام بين أهل المملكة، وجنّبها مصاعب وخلافات شتى.
ولعل أكبر ملوك هؤلاء القوط هو وامبا (٦٧٢ - ٦٨٠م) - ( Wamba) ، فقد كان أميراً عظيم الهمة، استطاع أن يقرر سلطانه فيما بقي للقوط من الممتلكات شمالي جبال البرت: قضى على ثورة خطيرة دبرها هلدريك كونت نِيْمَهْ (نيم)، وأخمد ثورة أخرى دبرها باوْلُس أمير سبتمانية للانفصال بها، وحكم البلاد كلها حكما رشيداً حازماً، فأحبه الناس والتفوا حوله، وبلغ من تعلق الناس به أن أصبح اسمه وعصره أسطورة لا تخلو من الخوارق، منها: أن وامبا وقف بين يدي الأسقف في الكنيسة لكي يلبس التاج، فبينما هو في هذا الموقف الرهيب، إذا عمود من الدخان يتصاعد من رأسه، تطير فيه نحلة من ذهب (١). ومن الواضح أن ذلك لم يحدث، ولكنه شائع في المصادر الأجنبية وبين القوط أيضاً.
وقد انتهى حكم وامبا نهاية لا تخلو من غرابة وطرافة، فقد احتال عليه أحد