وإحكام، مركّبة على رؤوس المنائر. ولم يكن عندهم (تلسكوب) طبعاً، وإن كانوا هم الذين وضعوا أساس علم النور والمرئيات، وروجر بيكن ( Roger Bacon ١٢١٤-١٢٩٢) الفيلسوف العالم الإنكليزي، مدين لهم بأكثر مما يتصوّر المعجبون به من الكاثوليكيين. وكانت عندهم عشرة أنواع من الاسطرلاب، وعدّة آلات أخرى عدا ما عندهم من الكرات الأرضية والسماويّة، وقد اكتشفوا أنّ (الصّاعقة)، وتسمى في غير إسبانيا من بلاد أوروبا:(النجم الثاقب) كتلة كثيفة تدخل جوّ الأرض. ولهم رأي صائب في ارتفاع الهواء وقلّة كثافته ووضعوا جداول لحركات النجوم، ووضعوا أوّل استنباط مدقّق لطول السنة، وأدركوا الشذوذ الواقع في مدار الأوض، ووضعوا رقوماً لتعاقب الاعتدالين.
والكيمياء الأولى لفظ عربيّ، وكذلك الجبر. وهناك ألفاظ أخرى عربية تذكرنا بما للمسلمين علينا من فضل في الوجهة العلمية. لقد استنبط العرب المسلمون قواعد الكيمياء. ولو أنّ مدنيتهم أُبقي عليها، واستمرّ تقدّم ثقافتهم، لكنا اليوم نعيش في عالم أعجب وأرقى مما نحن فيه. والعرب هم الذين اخترعوا البارود لا أهل الصين كما يتوهّم العامّة، ولست أعني أنّ اختراع البارود نعمة، وإنما ذكرته آيةً على خصب عقول العرب، وأنّه من ثمرات علومهم، وهم أوّل من صنع البندقيات، وصُنعت المدافع في غرناطة في القرن الثالث عشر. ولا شك أنّ الكيمياء القديمة هو الصورة الابتدائية للكيمياء الحديثة. ولقد كان فيها ضياع عظيم للأوقات في تتبع الأوهام، ولكن من الواضح أنّ العلم لا بدّ له أن يجتاز ذلك الطور قبل أن يصل إلى تحليل المركبات المادية وردِّها إلى عناصرها الأولى.
ولهم فضل عظيم في السبق إلى خدمة الطبيعيات لمهارتهم في الرياضيات، ورسموا جداول للثقل النوعيّ أو الجاذبية الأرضية. وقدّروا تخميناً دقّة الجاذبيّة الشعرية - نسبة إلى الشعرة لدقتها - وهم المخترعون الحقيقيون لبيت الإبرة - المسماة عند العامّة بالبوصلة -. وأمّا أهل الصين فإنّما