أوصلوا إلى العرب علم مناسبات الإبرة المغناطيسية، والعرب هم الذين ركّبوها في دائرتها، وأتحفوا الملاّح بهذه الآلة التي لا ثمن لها عنده. واخترعوا الساعة الكبيرة ذات (البندول) والعجلة. وأتقنوا الميزان، وهم الذين أبدلونا الرقوم العربية بالرقوم الروميّة الثقيلة المتعبة، وهم الذين استنبطوا قواعد علم النور والمرئيات التي هذّبها فيما بعد روجر بيكن، ووضعوا قواعد الكهرباء التي بنى عليها جربرت ( Gerbert) مباحثه. وحتى علم طبقات الأرض (الجيولوجيا) قد اشتغلوا في أساسه، ووقفوا على السنّة الكونيّة في التفتّت، ودرسوا طبيعة الصخور.
وأما علم المعادن، فقد خدمه حكماء العرب في القرن العاشر. قال الدكتور وود ورد ( Woodward) في كتابه (تاريخ علم طبقات الأرض ( History of Geology) : " ومن الّذين ألّفوا في صورة المعادن وتركيبها الطبيب ابن سينا، على حين كان العرب هم قادة العلوم في الغرب". وقال الأستاذ فوربز ( Forbes) في كتابه: تاريخ علم الهيأة ( History of Astronomy) " وابن رزفلة من أهل طليطلة أضاف تحسيناً عظيماً إلى الجداول الشمسية". وقال الأستاذ ميال ( Miall) في كتابه: تاريخ علم الحياة ( History of Biology) : " عند الكلام في العلوم على وجه عام، لقد تقدمت العلوم بسرعة تحت حكم الخلفاء". وقال السير ادوارد ثورب ( Sir Edward Thorbe) في كتابه: تاريخ الكيمياء ( History of Chemistrys) : " لقد تقدم علم الكيمياء الحديثة تقدماً معتبراً"، والحقيقة أنك لا تجد علماً من العلوم إلاّ والفضل الأكبر فيه للمسلمين من أهل المغرب وأهل الأندلس. وأعظم من ذلك كله أنّ لهم الفضل علينا في إحياء العلوم وبثّ روحها وعزمهم العظيم على أن يجدوا قواعد صحاحاً لسنن الطبيعة الحقيقية، وإن كانت منعت من التقدم بضعة قرون بسبب ضغط الكنيسة، ولكن لم يمكن محوها من ذهن الإنسان.
وسجية الإنسانية الكاملة التي كانت متمكنة من العرب المسلمين، حملتهم على أن يعنوا عناية خاصة بعلم الطب، وكان علم الكيمياء عندهم في أوّل