للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويلاحظ في الخطبة عديد من الأخطاء، ويلاحظ بها التناقض في المعاني، وبعض ما فيها مخالف لحقائق تاريخية، كاستعمال: (اليونان) التي ربما جاء ذكرها للسّجع، فالمؤرخون الأندلسيون اعتادوا أن يستعملوا في هذه المناسبة القوط أو الرّوم (١)، وكذلك: العلوج والعجم، أو المشركين والكفار (٢)، وليس لدينا نص يحتوي على مثل هذا الاستعمال. ثم: "وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين ... " (٣)، فالذي انتخبهم موسى بن نصير وليس الوليد.

وكان المتوقع أن تحتوي الخطبة على آيات من القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، أو وصايا وأحداث ومعاني إسلامية أخرى، تناسب المقام، كالمعهود (٤)، ثم إن طارقاً وأكثر الجيش كانوا من البربر، مما يجعل من المناسب أن يخاطبهم بلغتهم، إذ من المتوقع ألّ تكون لغتهم العربية قد وصلت إلى مستوى عالٍ (٥). كما أن وضوح تنافي الجُمل الأخيرة من الخطبة: "ولم يعوزكم بطل عاقل "، "واكتفوا إليهم من فتح هذه الجزيرة بقتله ... "، وأسلوب الفتح وحقيقته وأهدافه، فضلاً عن مجانبتها لخططه العسكرية ودقتها التنظيمية ومطالبها الفنية، دليل أن طارقاً لم يقل هذه الخطبة.

ويرى بعد ذلك، أن كل ما تقدم، لا يمنع أن يكون طارق جيد الكلام، وأنه خطب جنده، يحثهم على الجهاد (٦).

ويرتاب الدكتور أحمد بسّام السّاعي في نسبة هذه الخطبة إلى طارق بن


(١) انظر: نفح الطيب (١/ ٢٦٤ و ٢٦٩) والإحاطة (١/ ١٠٠).
(٢) انظر: نفح الطيب (١/ ٢٥٩ و ٢٦١ و ٢٧٠ و ٢٧١) والبيان المغرب (١/ ١٤).
(٣) ابن خلكان (٥/ ٣٢١ - ٣٢٢) ونفح الطيب (١/ ٢٤٠).
(٤) انظر: تحفة الأنفس (٢٩ - ٣٣).
(٥) انظر:. تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس (٧٨).
(٦) التاريخ الأندلسي (٥٨ - ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>