للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترهّب، وعاش متنكراً حيناً من الدهر. وينفرد صاحب كتاب: الإمامة والسياسة، بين المشارقة برواية أخرى، وهي: أن طارقاً ظفر بجثة لذريق، فاحتزّ رأسه، وبعث به إلى موسى بن نُصير، وبعث به موسى بن نصير إلى الخليفة في دمشق، ويتابعه في ذلك مؤلف أندلسي هو صاحب كتاب: تحفة الأنفس (١)، هذا إلى روايات كثيرة.

والمرجح من هذه الروايات كلها، أن لذريق فقد حياته في الموقعة التي فقد فيها ملكه، وأنه مات قتيلاً أو غريقاً على الأثر (٢).

تلك مجمل ما جاء في المصادر والمراجع، حول أهم أسباب انتصار طارق على لذريق، آثرت ذكرها باختصار غير مُخِلّ، مع الإشارة إلى مصادرها ومراجعها، لكي أناقش آراءها، وأُبدي ما أراه حولها.

والمتتبِّع لسير القتال في هذه المعركة الحاسمة، يجد أن القتال كان ضارياً بين الجانبين المتحاربين: المسلمين من جهة، والقوط من جهة أخرى. فثبات البربر من غُمارة، وإظهارهم القدرة العظيمة على القتال، دليل على أن زخم القوط في المعركة كان شديداً، ولا يقاتل بهذه الشدّة رجال تنخر بين صفوفهم الإشاعات الضارّة، ويتآمرون على السُّلطة القائمة المتمثلة بِلِذريق ملكاً وقائداً عاماً.

وقد أظهر فرسان القوط في اليوم الرابع من المعركة، - بعد أن حمي الوطيس - قدرة قتالية عظيمة، وثبتوا لضغط المسلمين الشديد، ولا يمكن أن يُظهر مثل هذه القدرة متآمر أو مقاتل تعصف بإرادته القتالية الإشاعات


(١) الإمامة والسياسة (٢/ ٧٥ - ٧٦) وانظر دولة الإسلام في الأندلس (٤٥).
(٢) يقول ابن الأثير (٤/ ٢١٤): إنه غرق في نهاية المعركة، ويقول المقري في نفح الطيب (١/ ١٢١): إنّه رمى بنفسه إلى النهر مختاراً، وقد ثقلته الجراح، ويقول ابن الأبار في الحلة السيراء (٣١) إنهم عثروا على جواده وسرجه الذهبي وإحدى نعليه، وغاب شخصه فما وجد، وهذه هي أيضاً رواية: أخبار مجموعة (٦)، أنظر التفاصيل في الفقرة (٢) من الهامش في كتاب: دولهْ الإسلام في الأندلس (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>