للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيطشة والناقمين عليه من النبلاء، وإرضاءً للمسلمين المنتصرين.

وإذا كان قادة فرسان القوط، قد خرجوا من المعركة بمن معهم من الفرسان - وهم خيرة جند لذريق - وتركوه لمصيره، فمن أين غنم المسلمون الخيل؟ لقد غنم المسلمون خيلاً كثيرة، حتى لم يبق منهم راجل، فمن أين غنم المسلمون هذا العدد الضخم من الخيول، إذا كان الفرسان القوط قد انسحبوا من المعركة بالتواطئ مع المسلمين؟ وهل يمكن أن يغنم المسلمون خيول مَن تواطأوا معهم على نصرتهم؟

وقد قتل في المعركة شيشبرت أخو غيطشة، وكان أبرز قادة فرسان القوط، فكيف قُتل وهو قد تخلى عن لذريق طمعاً في الغنيمة والسّلامة؟!

ومع ذلك، فلا يمكن إنكار أن آل غيطشة ومَن يشايعهم من النبلاء، كانوا ناقمين على لذريق الذي اغتصب عرش غيطشة، فهم يطمعون أن يستعيدوا عرشهم بزوال لذريق، وبرحيل المسلمين عن الأندلس، وكان رحيل المسلمين عن الأندلس من الأماني التي يتعللون بها ولا يعتقدونها.

وقد ورد نص في: أخبار مجموعة، يفيد هذا الاتجاه ويشير إليه: " ..... ومعهم يليان - أي مع المسلمين - في جماعة من أهل البلد، يدلّهم على العورات، ويتجسس لهم الأخبار، فأقبل إليهم رُذريق (لذريق)، ومعه خيار أعاجم الأندلس وأبناء ملوكها، فلما بلغتهم عدّة المسلمين وبصائرهم، تلاقوا بينهم - أي أولاد الملوك - فقال بعضهم لبعض: هذا ابن الخبيثة قد غلب على سلطاننا، وليس من أهله، وإنما كان من سفالنا، وهؤلاء قوم لا حاجة لهم بإيطان بلدنا، إنما يريدون أن يملوا أيديهم، ثم يخرجون عنّا، فانهزم بنا بابن الخبيثة إذا لقينا القوم، فأجمعوا لذلك. وكان رُذريق قد ولّى شيشبرت ميمنته وأبة ميسرته، وهما أبناء غيطشة (١)، الذي كان ملكاً قبله، وهما رأس مَن أدار عليه الانهزام" (٢)، فالاتفاق على الهزيمة لم تكن مع


(١) هما إخوة غيطشة وليسا ابنيه، كما ذكرنا ذلك من قبل.
(٢) أخبار مجموعة (٧ - ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>