للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طارق، بل كانت بينهم لا يعرف عنها طارق شيئاً، لذلك اقتتل الطرفان المتحاربان اقتتالاً شديداً (١)، حتى ظنّوا أنه الفناء (٢)، فلم تكن بالغرب مقتلة أعظم منها (٣)، واستمرت المعركة ثمانية أيام، ولا يمكن أن تستمر معركة من المعارك ثمانية أيام، وهي مدّة طويلة جداً بمقاييس ذلك الزمن، إلاّ إذا كانت المعركة ضارية إلى أقصى الحدود، وإلاّ إذا كان الجانبان المتحاربان قد بذلا جهوداً قتالية جبارة في المعركة: "فالتقيا يوم الأحد، وصدق المسلمون القتال، وحملوا حملة رجل واحد على المشركين، فخذلهم الله وزلزل أقدامهم، وتبعهم المسلمون بالقتل والأسر، ولم يعرف لملكهم لذريق خبر، ولا بانَ له أثر، فقيل: إنه ترجّل وأراد أن يستتر في شاطئ الوادي، فصادف غديراً فغرق فيه فمات" (٤). في حين تذكر بعض المصادر، أن لذريق فرّ من الميدان، والتقى بالمسلمين في معركة أخرى، شمالي الأندلس، فقتل فيها (٥)، لكن هذا الرأي ضعيف لا تدعمه الأدلة والمصادر المعتمدة الأخرى.

يمكن أن نستنتج، بعد عرض ما جاء في المصادر والمراجع العربية وغير

العربيّة، ومناقشة ما جاء فيها من معلومات، أنّ المعركة الحاسمة بين المسلمين بقيادة طارق، والقوط بقيادة لذريق، قد بذل خلالها الجانبان المتحاربان أقصى جهودهما المادية والمعنوية لإحراز النصر، وقد شُغل الجانبان بالمناوشات الاستطلاعية لمدة ثلاثة أيام، وفى اليوم الرابع حمي الوطيس بين الجانبين، واستمرت المعركة شديدة عارمة أربعة أيام، تكبّدت


(١) أخبار مجموعة (٨) والبيان المغرب (٧).
(٢) البيان المغرب (٧).
(٣) البيان المغرب (٧).
(٤) تاريخ الأندلس (٤٨) و (١٣٥)، والبيان المغرب (٢/ ٧ و ٨ و ٩) ونفح الطيب (١/ ٢٤٢ و ٢٤٩ و ٢٥٨ - ٢٥٩).
٥١) تاريخ الأندلس (٢٩ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>