للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشماليها، فسُمِّيت هذه المعركة الحاسمة بعدّة أسماء مختلفة، هي أسماء تلك المعركة الحاسمة وأسماء تلك المعارك المحليّة: معارك المطاردة، مثل معركة البحيرة، ومعركة وادي بكّه، ومعركة وادي لكه، ومعركة وادي البرباط، ومعركة شريش (١)، ومعركة السّواني، ومعركة السّواقي (٢)، فهي معركة شَذُوْنَة بأسرها التي تقع في جنوبي غربي الأندلس (٣).

ولا مجال لتصديق، أن لذريق هرب بعد هذه المعركة نحو الشمال، واصطدم بالمسلمين بموقعة جديدة (٤)، لأن لذريق خسر قوّاته الضاربة في معركة وادي لكّه، ولم تكن لديه قوات احتياطية ليقاتل بها المسلمين، كما أن مطاردة المسلمين بعد المعركة كانت شديدة، بحيث لم يفسحوا المجال لنجاة الهاربين من ساحة القتال وتجمعهم بقيادة واحدة مسئولة، لتجديد القتال مع المسلمين من جديد.

وجرى القتال بالنسبة للقوط، بالنظام الخماسي للقتال: المقدمة، والمؤخرة، والميمنة والميسرة، والقلب، وهو نظام أصلح لإجراء الحركة المرنة بسهولة ويسر، وأكفل للثبات بوجه الهجمات، وأمنع لمباغتة العدو.

أما المسلمون، وكان أكثرهم من البربر، فقاتلوا بأسلوب: الكر والفر. قال ابن خلدون: "إن الكر والفر هو قتال البربر من أهل المغرب " (٥)، ولا يزال البربر يقاتلون بهذا الأسلوب حتى اليوم، في قتالهم غير النظامي،


(١) شريش: مدينة كبيرة من كورة شذونة، انظر التفاصيل في معجم البلدان (٥/ ٢٦٠).
(٢) فتوح مصر والمغرب (٩ - ١٠) وابن القوطية (٧) وفتح الأندلس (٧) وأخبار مجموعة (٢٠٦) وابن الأثير (٤/ ٥٦٢) وابن الشباط برواية عريب (١٠٦) والبيان المغرب برواية الرازي (٨) والنويري (٢٢/ ٢٧) والحميري (١٦٩) وابن خلدون (٤/ ٢٥٤) ونفح الطيب برواية ابن حيان (١/ ٢٤٩) و (١/ ٢٥٨).
(٣) الفتح والاستقرار العربي الإسلامي في شمال إفريقيا والأندلس (١٦٨).
(٤) Saavedra.pp.٦٨-٦٩ - F.Simonet.op.cit.,p.٢٣-٢٩. وانظر الرازي، نشر سافيدرا ص: ١٥٤.
(٥) ابن خلدون (٢/ ٨٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>