للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تردّد ذلك بعض المصادر عن حسن نيّة أو عن سوء نيّة، بقصد إخفاء سبب النصر الحق، فقد انتصر المسلمون بعقيدتهم الراسخة، فكانوا يتميزون على القوط بمعنوياتهم العالية المتميزة، وهذه المعنويات العالية هي التي تجعل الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة بإذن الله.

وليس معنى ذلك، أن الجيش القوطي خلا من الخيانة، فقد ظهرت الخيانة بعد اندحار القوط لا حين كانوا أقوياء، وبعد الاندحار تكثر الادّعاءات ويكثر الأدعياء.

وقد كان البربر قبل إسلامهم مستعبَدين للروم وللأسبان، فتبدل حالهم بالإسلام من حال إلى حال.

وكان سر انتصار المسلمين في معاركهم الحاسمة: في غزوة بدر الكبرى، والقادسية، واليرموك، ونهاوند، هو سر انتصارهم في معركة وادي برباط أو وادي لَكُّهْ، فبالإسلام انتصروا، وقد رفعت تعاليم هذا الدين معنويات المجاهدين قادةً وجنوداً، وبعثت فيهم إرادة القتال التي لا تُقهر.

وكان هذا السر وراء فتوحاتهم شرقاً وغرباً، فقضت على الفرُس، وهزمت الرُّوم، وسارت رايات النصر من بلد إلى بلد، فأصبحت بلاد المسلمين لا تغيب عنها الشمس أبداً.

وبالإضافة إلى أن هذا الدين رفع المعنويات وبعث إرادة القتال، فقد أعطى الفرصة لظهور القادة المتميزين والجنود المتميزين أيضاً، لتستكمل حلقات عوامل النصر المعنوية والمادية المعروفة، وهي: المعنويات العالية، والقيادة المتميزة، والجنود المتميزين. وكانت تلك الحلقات متوفرة في المسلمين الفاتحين، فقد كان طارق قائداً متميزاً حقاً، برزت سماته القيادية طيلة أيام المعركة الحاسمة، كما برزت في إصراره الشديد على المطاردة المتّصلة التي لا هوادة فيها. كما كان جنود طارق جنوداً متميزين حقّاً، برزت سماتهم القتالية في إدامة التماس بالقوط، وإدامة قتالهم ليلاً ونهاراً بلا كلل ولا ملل، بدون إعطاء فرصة للقوط للاستراحة من عناء القتال، ودون أن يكترثوا

<<  <  ج: ص:  >  >>