للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفخّ وهو بمرأى عينه؟! " (١).

وسهر يزيد بن المهلب عند موسى ليلة، فقال له: "يا أبا عبد الرحمن! في كم تعد مواليك وأهل بيتك؟ فقال موسى: "في كثير فقال يزيد: "يكونون ألفاً؟ " فقال موسى: "وألفاً وألفاً إلى منقطع النفس! فقال يزيد: "وأنت على ما وصفتَ، وألقيت بيدك إلى التهلكة؟! أفلا أقمت في قرار عزِّك وموضع سلطان، وامتنعت بما قدمت به؟ فإن أُعطيت الرضى، وإلاّ كنت على عزِّك وسلطانك فقال له: "والله لو أردتُ ذلك، لما نالوا من أطرافي طرفاً، ولكني آثرت الله ورسوله، ولم نَرَ الخروج من الطاعة والجماعة" (٢).

تلك هي أسباب استدعاء موسى وطارق من الأندلس إلى دمشق وعزلهما، وهذا لا يمنع من وجود أسباب تافهة أخرى، أخذها على موسى وطارق كل من الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك. فما علاقة طارق بمجمل تلك الأسباب؟.

لقد اتهم موسى بنزاهته، فقيل: إنه لم يخرج خمساً من جميع مغانمه، ولم يُتّهم طارق بمثل هذه التهمة من أحد، وليس هناك أي نص في المصادر يتهمه بنزاهته. وقد كان موسى مسئوله المباشر، وكان مولى موسى، وكان في جيش طارق قبل عبور موسى إلى الأندلس، مَن يرفع عنه أمره إلى موسى، فلا يخفى من أمر طارق على موسى شيء، ولا نعلم أن موسى حاسب طارقاً على نزاهته أو شكّ في نزاهته.

وحين قدم طارق إلى دمشق مع موسى، لم يُحاسب من الخليفة ولا من غير الخليفة على نزاهته، ولم يتطرّق الشك حوله من ناحية نزاهته إلى أحد من المسئولين أو إلى أحدٍ من غير المسئولين.

أما السبب الثاني، وهو اتهام موسى بالتغرير بالمسلمين، من وجهة نظر الوليد بن عبد الملك وأخيه سليمان بن عبد الملك، فإن طارقاً يُشارك في هذه


(١) نفح الطيب (١/ ٢١٥).
(٢) البيان المغرب (٢/ ٢٥ - ٢٦)، وانظر أيضاً البيان المغرب (١/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>