للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنزال رجاله في مكان وَعْرٍ من الشاطئ الأندلسي، وسهل عملية الإنزال باستخدام المجاذيف وبراذع الخيل التي أُلقيت على الصخور لتلافي خطرها على رجاله، فتمكن طارق من إنزال هذه الوجبة من رجاله على الشاطئ بصورة مفاجئة دون أن يراه أحد من العدو (١).

ولما اطمأن طارق إلى سلامة هذه الدّفعة من رجاله، عاد بالسفن الفارغة إلى البر الإفريقي في سبتة، وحمل الدفعة الثانية من رجاله على السفن، وعاد بهم إلى البر الأندلسي، حيث جرى إنزالهم، حتى قال بعض المؤرخين: إن طارق كان آخر من عبر الأندلس (٢)، وهذا صحيح، فقد عبر مع الدفعة الأولى، ثم عبر مع الدفعة الثانية، وبذلك اطمأن إلى عبور آخر رجل من رجاله بسلام، فقد أبحر طارق مع أول جماعة، وأخفى نفسه في الجبل حتى الليلة التالية، حيث أرسل المراكب مرة أخرى لكي تعود ببقية رجاله (٣)، وما أخفى طارق نفسه في الجبل، بل عاد ليرافق الجماعة الثانية من رجاله، فقد قاد فعلاً المجموعة الأولى إلى الشاطئ الأندلسي، ولكن ما أن هبطت تلك المجموعة بسلام، حتى عاد بالمراكب إلى سبتة لكي يُشرف على بقية العملية، ومن ثم أبحر مع المجموعة الأخيرة من الرجال (٤).

وكان تعداد رجال طارق الذين جرى إنزالهم في هذه المرحلة سبعة آلاف رجل، وهم الذين عبروا المضيق مع طارق. وتضم المجموعة الأخرى خمسة آلاف رجل، وهم الذين أرسلوا فيما بعد مَدداً لطارق من قبل موسى بن نصير (٥)، وضمت الحملة سبعمائة رجل من السُّودان (٦). وهذا يُظهر لنا، أن


(١) ابن الكردبوس (٤٦) والبيان المغرب (٢/ ٩).
(٢) ابن الشباط (١٠٦) والبيان المغرب (٢/ ٦) برواية الرازي، ونفح الطيب (١/ ٢٥٤).
(٣) فتح مصر والمغرب (٢٠٥ - ٢٠٦).
(٤) الفتح والاستقرار العربي الإسلامي في شمال إفريقيا والأندلس (١٦٤).
(٥) نفح الطيب برواية ابن حيّان (١/ ٢٣١ - ٢٣٢) وأخبار مجموعة (٧) وابن الأثير (٤/ ٥٦١ - ٥٦٣).
(٦) ذكر بلاد الأندلس رقم: ٨٥ج ص: ٨٤ وفتح الأندلس (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>