للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب ... إلخ ... " (١). والحرص على بناء هذا السمور لحماية جيش طارق، دليل على تمتّعه بمزية: الأمن، وهو مبدأ من مبادئ الحرب، يستحثّ القائد على أمن قواته من نظر العدو ورصده ومن أسلحته المصوبة إليه، كما أن التحصين يساعد على الثبات.

وظهرت سمة: رفع المعنويات في قيادة طارق، في معركته الخاطفة على بَنْج (٢) ( Banj) ، حيث قضى طارق على قوات بَنج، ولم يَنج من جندها إلاّ واحد اسمه: بِلْيَاسِن، أسرع إلى معسكر لذريق في أقصى شمالي الأندلس (٣)، وأخبره بنزول المسلمين البلاد، وإبادة قوات بنج إبادة كاملة.

ومن الواضح جداً، أن انتصار المسلمين الساحق، على قوات القوط، وإبادتها عن بكرة أبيها، أدى فيما أدى، إلى رفع معنويات الفاتحين، وإنهيار معنويات القوط، وارتفاع المعنويات عامل من عوامل النصر، وائهيارها عامل من عوامل الهزيمة.

وبالرغم من ثقة طارق بنفسه، وثقته برجاله، وارتفاع معنويات المسلمين، إلاّ أن طارقاً حين علم باقتراب لذريق وقواته المتفوقة الضاربة من مواضع المسلمين، كتب إلى موسى يستنجده فأرسل إليه جيشاً قرابة خمسة آلاف مقاتل، بقيادة طريف بن مالك (٤)، فقويت بالمدد نفس طارق ونفوس مَن معه.

وتكرّر استنجاد طارق بموسى، بعد تغلغله بالعمق في الأندلس، فأصبحت ميمنة المسلمين وميسرتهم مهددة بالعدو، كما أصبحت خطوط مواصلاتهم بقواعدها المتقدمة والأمامية مهددة بالعدو أيضاً، فكتب طارق إلى موسى: "إن الأمم قد تداعت علينا من كل ناحية، فالغوث ...


(١) البيان المغرب (٢/ ٩).
(٢) البيان المغرب (٢/ ١٠).
(٣) نفح الطيب (١/ ١٤٩).
(٤) العبر (٤/ ٢٥٤) ونفح الطيب (١/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>