ألف مقاتل فقط، لمصادلة القوط، وهم أضعاف أضعاف قوته، بقيادة ملك القوط لذريق وحشد من قادته، على أرض الأندلس التي يعرفها القوط لأنها أرضهم، ويجهلها المسلمون لأنها ليست بلادهم، دليل واضح جلي على قوة إرادة طارق وثباتها. وتغلغل طارق بالعمق في الأندلس، وهو في نحو تسعة آلاف مقاتل، دليل واضح على قوة إرادة طارق وثباتها.
إن تمتع طارق، بمزية: الإرادة القوية الثابتة، قد لا تحتاج إلى دليل.
د - وكان طارق يتمتع بمزية: تحمل المسئولية، وكان لا يتحملها حسب، بل يحبّها، فهو يتحمل المسئولية ويحبها، ولعل قبوله بمهمة فتح الأندلس، بقوة لا تزيد على سبعة آلاف مقاتل، خير دليل على تحمله للمسئولية وحبها، وعدم التملّص منها، والتهرب من عواقبها.
هـ - وكان طارق يتحلى بمزية تمتعه: بنفسية لا تتبدّل، في حالتي النصر والهزيمة، والسراء والضراء، واليسر والعسر.
لقد كان أحد رجال البربر، فقدّمه جدُّه إلى مصاف القادة المرءوسين، ثم أصبح والياً على منطقة طنجة الواسعة، وقائداً على حاميتها من البربر.
واستمر نجمه في الصعود، فتولى قيادة مستقلة، لها ارتباط مباشر بموسى بن نصير، وفي الأندلس، أصبح قائداً فاتحاً، تخضع البلاد المفتوحة من الأندلس لسلطته المباشرة. وعبر موسى إلى الأندلس، فأصبح طارق من جديد قائداً مرءوساً، ثم بدأ نجمه بالهبوط، حتى سُحب من قيادته بأمر الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان، وأصبح رجلاً بلا غد، لا يعرف مستقبله ولا مصيره. وحل في الشام، بعد أن قطع المسافة الطويلة الشاسعة بين الأندلس ودمشق، برفقة مولاه موسى بن نصير، فما عرف أحد من المؤرخين وغيرهم، أن نفسية طارق تبدلت في حالتي العز والذل، والسلطة وبلا سلطة، والقيادة وبدون قيادة، بل بقي نفسياً صابراً محتسباً، لم يغتر بمظاهر السلطان، ولا استكان لمظاهر الخذلان، لأنه لم يكن يعمل لنفسه في جهاده وجهوده، بل كان يعمل لله من أجل مصلحة الإسلام والمسلمين