غرناطة ومعهم بنو أشقيلولة، فلقيهم ابن الأحمر وردّهم على أعقابهم (٦٧٩ هـ). بيد أنه بالرغم من هذا النصر المؤقت، أخذ يشعر بدقّة موقفه، وخطورة القوى التي يواجهها من القشتاليين والمغاربة. ومن جهة أخرى فإن السلطان المنصور يخشى عاقبة هذا التصرف على مصير المسلمين، وعلى ذلك فقد بعث إلى ابن الأحمر في وجوب عقد المودة والتفاهم، فلقي له مثل رغبته، وبادر السلطان إلى عقد أواصر الصلح والتحالف بين المسلمين، على أن ينزل ابن الأحمر عن مالقة للسلطان المنصور، لتكون قاعدة للعبور والغزو. وصفا جوّ العلائق على أثر ذلك بين ابن الأحمر وبني مرين، وشغل السلطان المنصور حيناً بمحاربة الخارجين عليه.
ولم يمض قليل على ذلك، حتى عادت شئون الأندلس تستغرق اهتمام المنصور، وكانت شئون الأندلس قد غدت في الواقع عنصراً بارزاً في سياسة بني مرين، وكانت مملكة غرناطة حتى في ذلك الوقت الذي انكمشت فيه الدولة الإسلامية في الأندلس، تلعب دورها في شئون إسبانيا النصرانية كلما اضطربت فيه الحوادث. ولما سطع نجم الدولة المرينية فيما وراء البحر، اتجه إليها اهتمام النصارى، وكانت كلما وقعت في قشتالة حرب أهلية، لجأ هذا الفريق أو ذاك إلى مؤازرة غرناطة أو بني مرين على غرار ما كان يحدث في الماضي، ومن ذلك ما حدث في سنة (٦٦٩ هـ - ١٢٧٠ م) من خروج الإنفانت فيليب على أخيه الفونسو العاشر مع جماعة النبلاء والتجائهم إلى السلطان المنصور في طلب العون، واستجابته لدعوتهم واتخاذهم غرناطة قاعدة لجهودهم. وكادت تنشب من جراء ذلك حرب بين المسلمين والنصارى، لولا تدخّل فيولا ملكة قشتالة، واسترضائها للخوارج بمختلف المنح. وفي سنة ١٢٨٢ م (أوائل سنة ٦٨١ هـ) ثار سانشو على والده الفونسو العاشر، وآزره معظم النبلاء، واستطاع أن ينتزع العرش لنفسه، فاتجه أبوه المخلوع إلى السلطان أبي يوسف المنصور، وأرسل إليه بالمغرب وفداً من الأحبار يستمدّ منه الغوث ضد ولده، فاستجاب السلطان لصريخه، وعبر