البحر في قوّاته إلى الأندلس في ربيع الثاني سنة (٦٨١ هـ) وهرع الفونسو إلى لقائه بالجزيرة الخضراء على مقربة من رندة مستجيراً به ملتمساً لنصرته، وقدّم إليه تاجه رهناً لمعونته، فغزا أبو يوسف أراضي قشتالة وحاصر قرطبة، ثم زحف على طليطلة وعاث في نواحيها، ووصل في زحفه إلى حصن مجريط (١)(مدريد). وتحاشى ابن الأحمر في البداية لقاء السلطان لفتور العلائق بينهما، ولتوجّسه من محالفة الفونسو، ورأى من جانبه أن يتفاهم مع سانشو ملك قشتالة الجديد، وزحف على المنكب، وهي من الثغور التي تحتلها قوات المغرب، فغضب السلطان وارتد لقتاله. وكادت تنشب بين الملكين المسلمين فتنة مستطيرة، لولا أن خشي ابن الأحمر العاقبة، وعاد إلى التفاهم مع المنصور، وصفا الجوّ بينهما نوعاً ما، وعاث المنصور في أراضي قشتالة مرة أخرى، وغصّ جيشه بالسّبي والغنائم ثم عاد إلى المغرب بعد أن ولّى على الجزيرة حاكماً من قبله.
واستمرّت الحرب الأهلية أثناء ذلك في قشتالة بين الإبن والأب، ولبث هذا النضال الدموي زهاء عامين، حتى توفي الفونسو العاشر طريداً مهزوماً في سنة (٦٨٣ هـ - ١٢٨٤ م)، فكان لوفاته وقع عميق في غرناطة والمغرب، وأرسل كل من الملكين المسلمين عزاءه في الملك العالم المنكود، - وقد كان ألفونسو عالماً مؤرخاً - إلى بلاط قشتالة. وكان موقف المملكتين الإسلاميتين غريباً إزاء حوادث قشتالة، إذ كان ملك المغرب يؤازر الملك المخلوع، وكان ملك غرناطة بالرغم من عطفه على الفونسو العاشر، يؤازر ولده الخارج عليه. والحقيقة أنّ ابن الأحمر، كان يشهد تقاطر الجيوش البربرية إلى الجزيرة الخضراء بعين الجزع، ويتوجّس شراً من وجودهم بها. وقد كانوا يحتلون معاقلها وثغورها، ويظاهرون الخوارج عليه في مالقة والمنكب وغيرهما من القواعد الجنوبية، وكان يتوقع أسوأ العواقب من