للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوى جبل طارق تؤدي مهمة الوصل بين المغرب والأندلس.

ولم يخل عصر السلطان أبي الحجّاج يوسف من عقد العلائق السياسية مع الدول النصرانية، وكان عقدها بالأخص مع مملكة أراغون التي كانت أقرب إلى مملكة غرناطة من زميلتها مملكة قشتالة. ففي سنة (٧٣٥ هـ - ١٣٣٥ م) أرسل السلطان سفيره القائد أبا الحسن بن كماشة إلى الفونسو الرابع ملك أراغون ليطلب تجديد معاهدة الصلح المعقودة بين المملكتين، فأجابه إلى ذلك، وجدّدت المعاهدة.

وفي أواخر سنة (٧٤٥ هـ - ١٣٤٥ م) عقد السلطان يوسف مع بيدرو الرابع ملك أراغون، معاهدة صلح ومهادنة جديدة، في البر والبحر، لمدة عشرة أعوام على يد سفيره القائد المذكور. وطلب إلى السلطان أبي الحسن المريني ملك المغرب أن يوافق على هذا الصلح، فوافق عليه، وأبرمه من جانبه بنفس الشروط ولنفس المدة التي يسري فيها، وذلك حسبما يدل عليه عهد الموافقة الذي أصدره بتاريخ صفر سنة (٧٤٦ هـ - حزيران - يونيو ١٣٤٥ م) (١).

وهنا طافت بالأندلس وإسبانيا تلك النكبة المروِّعة التي عصفت بالمشرق والمغرب، ونعني بذلك الوباء الكبير الذي اجتاح سائر الأمم الإسلامية وحوض البحر الأبيض المتوسط في سنة (٧٤٩ هـ - ٧٥٠ هـ - ١٣٤٨ م) وكان بعد ظهوره على ما يرجّح في إيطاليا في ربيع هذا العام. وحمل من الأندلس كثيراً من سكانها، وفي مقدمتهم عدة من رجالها البارزين من الكبراء والعلماء. وقد وصف لنا ابن الخطيب تلك المحنة التي كان معاصراً لها وشاهد عيان لروعها وفتكها في رسالة عنوانها: (مقنعة السائل عن المرض الهائل)، وكذلك وصف لنا عصف الوباء بثغر ألمرية شاعر ألمرية الكبير ابن خاتمة في رسالة عنوانها: "تحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد" (٢).


(١) نهاية الأندلس (١٢٢).
(٢) توجد هاتان الرسالتان ضمن مجموعة خطية تحفظ بمكتبة الإسكوريال برقم ١٧٨٥ =

<<  <  ج: ص:  >  >>