للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أغسطس ١٤٨٧ م). ولم يحافظ فرديناند على ما بذله لأهلها من عهود لتأمين النفس والمال، وأصدر قراراً ملكياً باعتبار أهلها المسلمين رقيقاً يجب عليهم افتداء أنفسهم ومتعهم. ويفرض على كل مسلم أو مسلمة مهما كان السن والظروف، الأحرار منهم والعبيد الذين في خدمتهم، فدية للنفس والمتاع، قدرها ثلاثون دوبلاً من الذهب الوازن اثنين وعشرين قيراطاً، أو ما يوازي هذا القدر من الذهب والفضة واللآلئ والحلي والحرير، وأنه يسمح لمن أدّوا هذه الفدية، إذا شاءوا بالعبور إلى المغرب، وتقدّم لهم السفن لنقلهم، وأنه لا يسمح للمسلمين ذكوراً وإناثاً بالعيش أو الإقامة في مملكة غرناطة. ولكن يسمح لهم أن يعيشوا أحراراً آمنين في أية ناحية من نواحي قشتالة، وأنه لا يتمتع بهذه المنح بنو الثغري وزوجاتهم وأولادهم، وبعض أفراد أشار إليهم القرار (١). ودخل النصارى المدينة دخول الفاتحين، وعاثوا فيها وسَبَوْا النساء والأطفال، ونهبوا الأموال والمتاع، وفرّ مَن استطاع من المسلمين إلى غرناطة أو وادي آش أو جاز إلى العدوة. وكان هذا النموذج من التصرف نموذجاً لما يضمره ملك النصارى نحو معاملة المسلمين المغلوبين، ولِما تنطوي عليه سياسته من نكث للوعود والعهود. وتقول الرواية الإسلامية المعاصرة في وصف محنة أهل مالقة: "وكان مصابهم مصاباً عظيماً تحزن له القلوب، وتذهل له النفوس، وتبكي لمصابهم العيون" (٢).

ولنعد لقصة السفارات التي أوفدها أبو عبد الله الزغل إلى ملوك إفريقية ومصر والقسطنطينية يستغيث بهم، ويلتمس نجدتهم ونصرتهم. والتجاء الأندلس إلى ملوك العدوة في طلب الغوث والنجدة أمر طبيعي، وتقليد


(١) هذا ما ورد ضمن محفوظة بدار المحفوظات الإسبانية العامة Archivo general de Simancas; P. R. ١١-٥
(٢) أخبار العصر (٢٧ - ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>