الثغور الجنوبية. وقد استولت على بلش مالقة في جمادى الأولى من هذا العام (أيار - مايو - ١٤٨٧ م)، ثم زحفت مباشرة على مالقة وضربت حولها الحصار في جمادى الثانية (حزيران - يونيه ١٤٨٧ م)، وقد وصل صريخ الأندلس إلى مصر سنة (٨٩٢ هـ)، وذلك بعد أن سقطت مالقة في يد النصارى بنحو ثلاثة أشهر. وإذاً فمن الواضح أن هذا الصريخ كان متعلّقاً بإنقاذ مالقة، وأنه كان صادراً من مولاي الزغل بطل الأندلس والمدافع عنها يومئذٍ، والمشفق عليها من السقوط، ولم يصدر من صاحب غرناطة وهو ابن أخيه أبو عبد الله محمد، وقد كان يومئذٍ يعيش آمناً في ظل الهدنة الغادرة التي عقدها مع النصارى.
ولم يكن من الميسور على مصر أن تلبي نداء الأندلس بطريقة فعالة، فترسل إليها الإمداد أو المساعدات المادية على ما بينهما من بعد الشقة، وعلى ما كان يشغل مصر يومئذٍ من الحوادث الداخلية، وتوجّسها من عدوان العثمانيين على حدودها الشمالية. ولكن مصر حاولت مع ذلك أن تعاون الأندلس بالطرق السياسية والضغط السياسي، وسلك بلاط القاهرة في ذلك خطة تدل على ذكاء وحزم، وتدل خاصة على وقوف على مجرى الشئون الخارجية، وتطور العلائق الدبلوماسية في هذا العصر (١).
وأرى أن مصر لم تقم بواجبها كما ينبغي، وأنها أسوة بغيرها كانت مشغولة بمصالحها الذاتية وحدها، وكان بالإمكان أن تعين الأندلسيين مادياً ومعنوياً، ولكنها اكتفت بالتمني وبما لا يضر ولا يفيد وبالكلام وحده.
فقد أجاب سلطان مصر الملك الأشرف على سفارة الأندلس، بتوجيه سفارة مصرية إلى البابا وملوك النصرانية، واختار لأدائها راهبين من رعاياه النصارى، أحدهما القس انطونيو ميلان رئيس دير القديس فرنسيس في بيت المقدس وعهد إليهما بكتب إلى البابا، وهو يومئذ إنوصان الثامن، وإلى ملك