نابولي فرديناند الأول وإلى فرديناند وإيزابيلا ملكي قشتالة وأراغون. وفي هذه الكتب يعاتب سلطان مصر ملوك النصارى على ما ينزل بأبناء دينه المسلمين في مملكة غرناطة، وعلى توالي الاعتداء عليهم، وغزو أراضيهم، وسفك دمائهم، في حين أن رعاياه النصارى في مصر وبيت المقدس، وهم ملايين، يتمتّعون بجميع الحريات والحمايات، آمنين على أنفسهم وعقائدهم وأملاكهم. ولهذا فهو يطلب إلى ملك قشتالة وأراغون الكف عن هذا الاعتداء، والرحيل عن أراضي المسلمين، وعدم التعرض لهم، وردّ ما أخذ من أراضيهم، ويطلب من البابا وملك نابولي أن يتدخلا لدى ملكي قشتالة وأراغون، لردهما عن إيذاء المسلمين والبطش بهم، هذا وإلاّ فإن ملك مصر سوف يضطر إزاء هذا العدوان أن يتبع نحو رعاياه النصارى سياسة التنكيل والقصاص، ويبطش بكبار الأحبار في بيت المقدس، ويمنع دخول النصارى كافة إلى الأراضي المقدسة، بل ويهدم قبر المسيح ذاته وكل الأديار والمعابد والآثار النصرانية المقدسة (١).
وغادر القس أنطونيو ميلان وزميله الديار المصرية، لتأدية سفارة مصر إلى ملوك النصرانية، ولسنا نعرف موعد هذا الرحيل بالضبط، ولكن السفيرين وصلا إلى إسبانيا في خريف سنة (١٤٨٩ م)، أعني لنحو عام ونصف من وصول صريخ الأندلس إلى القاهرة. وكانت مالقة قد سقطت بيد النصارى منذ عامين، واستولوا على طائفة أخرى من الحصون والقواعد، ثم تحولوا بعد ذلك إلى بسطة وضرب فرديناند حولها الحصار. وهناك أمام أسوار بسطة وفد القس أنطونيو ميلان وزميله إلى معسكر النصارى في أواخر سنة (١٤٨٩ م)، فاستقبلهما فرديناند بحفاوة وترحاب، وتسلم كتاب السلطان،
(١) ابن إياس في تاريخ مصر (٣/ ٢٤٦)، وأنظر Prescott: Ferdinand and Isabella. P. ٢٧٨ وأنظر Irving: ibid. P. ٢٢٧ والظاهر أنّ في رواية ابن إياس عن تأليف سفارة مصر بعض النقص، ولكن ملخصه لمحتويات الكتب السلطانية في منتهى الدقّة.