كارديناس، تعرض لنا بمحتوياتها المثيرة صورة من ذلك الدرك المؤلم الذي يدفع اليأس إليه أولئك القادة الذين يغدون بعد حياة حافلة بالإخلاص والبسالة، تحت إغراء العدو وهباته، خونة مارقين مرتدين. وقد حُرّرت هذه الوثيقة في المعسكر الملكي قرب مدينة ألمرية في (٢٥ كانون الثاني - ديسمبر ١٤٨٩ م)، وفيها يؤكد فرديناند للقائد يحيى النيار زعيم بسطة وألمرية بأنه سوف يستقبله تحت حمايته هو وولده وأبناء عمه، وينزلهم في داره، ويعاملهم بما يليق بهم معاملة أشراف مملكته، ويدافع عنهم وعن أتباعهم، ثم يقول ملك قشتالة مخاطباً يحيى:"وإنه إذا صحّت عزيمتكم حقاً على اعتناق النصرانية، وعلى أن تخدمني وتعاونني برجالك، فإني سوف أكتم ذلك طول مدة السيطرة على بسطة، حتى لا يتقوّل عليك رجالك، ولهذا فإنك تستقبل التعميد المقدس سراً في غرفتي، حتى لا يعرفه المسلمون إلاّ بعد تسليم وادي آش، وإن الكروم والقرى والحصون التي تؤول لك بالميراث عن والدك أمير ألمرية، أهبها لك لتملكها وتتصرف فيها كما تشاء، وعهدي لك بذلك أنا والملكة زوجي. وأنه لن تدفع أنت وابنك وأبناء عمك وأعقابك وحشمك أي مغرم أو جزية في سائر مملكتي إلى الأبد، وإنه تشريفاً لشخصك، يُسمح لك بأن يصحبك عشرون فارساً مسلّحون بكل ما يرغبون، وأن تتجول بهم حيث شئت في أنحاء مملكتي، ويتمتع ولدك بمثل ذلك. وإنه إذا تنازل صهرك ملك وادي آش عن نصف الملاحات التي أهبها إليه، فإني أهبك دخلاً قدره خمسمائة وخمسون ألف مرافيدي من ملاحات دلاية، وفضلاً عن ذلك فإنه إذا تم تسليم وادي آش المتفق عليه، فإني مكافأة لك على جهودك في خدمتي لدى ملك وادي آش وغيره من القادة، أهبك عشرة آلاف ريال، وأقدم لك سائر البراءات بما تقدم"(١).
وتعهد الملكان الكاثوليكيان في نفس الوقت لأهل بسطة، بإقرار ما طلبوا