ثمينة. واتفق مع ملك قشتالة على تسليم المدينة (في الثاني من كانون الثاني - يناير ١٤٩٢ م) أي لتسع وثلاثين يوماً فقط من توقيع عهد التسليم.
وفي صباح يوم احتلال القشتاليين غرناطة، كان العسكر النصراني في شنتفى يموج بالضجيج والابتهاج، وكانت الأوامر قد صدرت، والأهبة قد اتخذت لاحتلال المدينة. وكان قد اتفق بين أبي عبد الله والملك فرديناند أن تطلق من الحمراء ثلاثة مدافع تكون إيذاناً بالتسليم. ولم يشأ فرديناند أن يسير إلى الحاضرة الإسلامية بنفسه، قبل التحقق من خضوعها التام، واستتباب الأمن والسلامة فيها، فأرسل إليها قوة من ثلاثة آلاف جندي وسرية من الفرسان، وعلى رأسها الكاردينال بيدرو دى مندوسا مطران إسبانيا الأكبر. وكان من المتفق عليه أيضاً بين فرديناند وأبي عبد الله، ألاّ يخترق الجيش النصراني شوارع المدينة، بل يسير توّاً إلى قصبة الحمراء، حتى لا يقع حادث أو شغب، ومن ثم فقد اخترق الجند القشتاليون الفحص إلى ضاحية أرميليا ( Armilla) - ( أرملة) الواقعة جنوبي غرناطة، ثم عبروا نهر شنيل واتجهوا توّاً إلى قصر الحمراء من ناحية التل المسمى:(تل الرّحى)، الواقع غربي المدينة وجنوبي غربي الحمراء ( Quest de los Molinos) .
وسار الملك فرديناند في الوقت نفسه في قوّة أخرى، ورابط على ضفة شنيل، ومن حوله أكابر الفرسان والخاصة في ثيابهم الزاهية، حتى يمهد الكاردينال الطريق لمقدم الركب الملكي. وانتظرت الملكة إيزابيلا في سرية أخرى من الفرسان في أرميليا على قيد مسافة قريبة. ووصل الجند القشتاليون إلى مدينة غرناطة من هذه الطريق المنحرفة نحو الظهر. وكانت أبواب الحمراء قد فتحت وأخليت أبهاؤها استعداداً للساعة الحاسمة.
وهنا تختلف الرواية، فيقال: إن الذي استقبل الكاردينال مندوسا وصحبه هو الوزير ابن كماشة، الذي ندب للقيام بتلك المهمة المؤلمة، وسلم الحرس المسلمون السلاح والأبراج. وكان يسود المدينة كلها، ويسود القصبة والقصر وما إليه، سكون الموت.