وكان فرديناند يرابط - كما قدّمنا - على ضفة نهر شنيل على مقربة من المسجد، الذي حوّل فيما بعد إلى كنيسة "سان سبستيان"، وهناك لقي عبد الله عدوّه الظافر، وسلّمه مفاتيح الحمراء. وكذلك قدّم أبو عبد الله خاتمه الذهبي الذي كان يوقع به على الأوامر الرسمية، إلى الكونت دى تندليا الذي عُيِّن محافظاً للمدينة.
وسار في صحبه بعد ذلك في طريق شنتفى، يتبعه أهله، أمّه وزوجه وأخواته، وكان موكباً مؤسياً، وعرّج في طريقه على محلّة الملكة إيزابيلا في أرميليا، فاستقبلته وأسرته برقّة ومجاملة، وحاولت تخفيف آلامه، وسلّمته ولده الصغير الذي كان ضمن رهائن التسليم.
وهنا تعود الرواية، فتختلف اختلافاً بيناً، فيقول بعضهم: إن الملكين الكاثوليكيين دخلا قصر الحمراء في نفس اليوم. وينفي بعضهم ذلك، ومنهم صاحب "أخبار العصر"، ويقول:"إنهما لم يدخلا إلاّ بعد ذلك ببضعة أيام".
تقول الرواية الأولى: إن إيزابيلا سارت على أثر استقبالها لأبي عبد الله، وانضمت بصحبها إلى الملك فرديناند، ثم سار الإثنان إلى الحمراء، بينما انتشر الجند القشتاليون في الساحة المجاورة، ودخل الملكان من "باب الشريعة"، حيث استقبلهما الكاردينال مندوسا والوزير ابن كماشة، وأعطى مفاتيح الحمراء إلى الكونت ديجو دى تندليا الذي عُين حاكماً للمدينة، وبعد أن تجوّل الملكان قليلاً في القصر، وشهدا جماله وروعته، عادا إلى شنتفى وبقي الكونت دي تندليا في الحمراء مع حامية قوية في خمسمائة جندي. ثم عاد الملكان، فزارا الحمراء زيارتهما الرسمية في ٦ كانون الثاني - يناير، وسارا في موكب فخم من الأمراء والكبراء وأشراف العقائل، ودخلا غرناطة من باب إلبيرة، ثم جازا إلى الحمراء من طريق غمارة، ودخلا قصر الحمراء، وجلسا في بهو قمارش أو المشور (١)، حيث كان يجلس الملوك المسلمون في