نفس المكان على عرشهم، على عرش أعدّه الكونت دى تندليا، وهناك أقبل أشراف قشتالة للتهنئة، وكذلك بعض الفرسان المسلمين، الذين أتوا ليقدموا شعائر التحية والتجلة لسادتهم الجدد. وفي خلال ذلك كان الملكان الكاثوليكيان قد أفرجا عن رهائن المسلمين الخمسمائة، وفي مقدمتهم ولد أبي عبد الله، وأفرج المسلمون من جانبهم عن الأسرى النصارى، وعددهم نحو سبعمائة أسير رجالاً ونساء، وتعهّد القشتاليون من جانبهم أن يطلقوا سراح الأسرى المسلمين في سائر مملكة قشتالة، في ظرف خمسة أشهر بالنسبة للأسرى الموجودين في الأندلس، وثمانية أشهر بالنسبة للأسرى الموجودين في بقية أراضي قشتالة.
تلك هي خلاصة الرواية القشتالية عن تسليم غرناطة ومدينة الحمراء للملكين الكاثوليكيين. بيد أن هناك رواية أخرى لشاهد عيان، كتبها فارس فرنسي كان يقاتل في صفوف الجيش القشتالي، وشهد بنفسه حفلات التسليم، ونشرت روايته في القرن السادس عشر ضمن مؤلف عنوانه ( La Mar de las Historias بحر التواريخ)، وهذه خلاصتها: إن الذي أوفده الملكان لاستلام الحمراء في يوم ٢ كانون الثاني - يناير، هو الأستاذ الأعظم، رئيس جمعية شنت ياقب، جوتيري دى كارديناس، وليس الكاردينال مندوسا حسبما تروي التواريخ القشتالية، وأنه تسلم القصر والأبراج، وأخرج منها الحرس المسلمين، ووضع بها الحرس النصارى، وأنه رفع الصليب الكبير فوق برج الحراسة ثلاث مرات، والمسلمون من أسفل يصعدون الزفرات ويذرفون الدموع، ثم لوّح بعد ذلك بعلم شنت ياقب ثلاث مرات، ونصب إلى جانب الصليب، وصاح المنادي بعد ذلك: القديس يعقوب ثلاثاً، قشتالة ثلاثاً، غرناطة لسيدنا الدون فرناندو ودوينا إيزابيلا ثلاثاً.
وأن الملك فرديناند لما رأى الصليب، وهو في جنده، من أسفل، ترجّل وجثا على ركبتيه، وجثا الجند جميعاً شكراً لله، ثم أطلقت المدافع ابتهاجاً.
وفي اليوم التالي: الثالث من كانون الثاني - يناير، سار الكاردينال مندوسا