للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسلامية ذات أهلّة، فصلى عليها الأمير متّجها نحو مكة، وقبّل أحد أتباعه الأرض رمزاً للخضوع والطاعة، وأقسم الأمير أن يموت في سبيل دينه وأمته، وتسمَّى باسم ملوكي عربي هو محمد بن أميّة صاحب الأندلس وغرناطة، واختار عمه المسمى: فرناندو الزغوير (الصغير) واسمه المسلم ابن جوهر قائداً عاماً لجيشه، وقد كان صاحب الفضل الأكبر في اختياره للرياسة، وانتخب ابن فرج كبيراً للوزراء، ثم بعثه على رأس بعض قواتها إلى هضاب البشرات، ليجمع ما استطاع من أموال الكنائس، واتخذ مقامه في أعماق الجبال في مواقع منيعة، وبعث رسله في جميع الأنحاء، يدعون الموريسكيين إلى خلع طاعة النصارى والعود إلى دينهم القديم (١).

ووقعت نقمة الموريسكيين بادئ ذي بدء، على النصارى المقيمين بين ظهرانيهم في أنحاء البشرات، ولا سيما القسس وعمال الحكومة، وكان هؤلاء يقيمون في محلاّت متفرقة سادة قساة، يعاملون الموريسكيين بمنتهى الصرامة والزراية، وكان القسس بالأخص سبب بلائهم ومصائبهم، ومن ثم كانوا ضحايا الثورة الأولى. وانقض ابن فرج ورجاله على النصارى في تلك الأنحاء ومزقوهم تمزيقاً، وقتلوا القسس وعمال الحكومة، ومثّلوا بهم أشنع تمثيل. وكانت حسبما تقول الروايات القشتالية مذبحة عامة، لم ينج منها حتى الأطفال والنساء والشيوخ. وذاعت أنباء المذبحة الهائلة في غرناطة، فوجم لها الموريسكيون والنصارى معاً، وكل يخشى عواقبها الوخيمة؛ وكان الموريسكيون يخشون أن يبطش بهم النصارى انتقاماً لإخوانهم ومواطنيهم، وكان النصارى يخشون أن يزحف جيش الموريسكيين على غرناطة، فتسقط المدينة بأيديهم، وعندئذ يحل بهم النكال المروِّع. بيد أن الرواية القشتالية تنصف هنا محمد بن أمية فتقول: إنه لم يحرِّض على هذه المذابح، ولم يوافق عليها، بل لقد ثار لها، وحاول أن يحول دون وقوعها، وعزل نائبه ابن فرج


(١) Marmol ; ibid; ١V , Cap. V١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>