للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن القيادة، فنزل راضياً واندمج في صفوف المجاهدين، وهنا يختفي ذكره ولا يبدو على مسرح الحوادث من جديد (١).

د - وكانت غرناطة في أثناء ذلك ترتجف سخطاً وروعاً، وكان حاكمها المركيز منديخار يتخذ الأهبة لقمع الثورة منذ الساعة الأولى. بيد أنه لم يكن يقدّر مدى الانفجار الحقيقي. فغصّت غرناطة بالجند، ووضع الموريسكيون أهل البيازين تحت الرقابة، رغم احتجاجهم وتوكيدهم بأن لا علاقة لهم بالثائرين من مواطنيهم. وخرج منديخار من غرناطة بقواته، في (٢ كانون الثاني - يناير سنة ١٥٦٩ م) تاركاً حكم المدينة لابنه الكونت تندليا، وعبر جبل شلير (سيرا نفادا) وسار توّاً إلى أعماق البشرات، حيث يحتشد جيش الثوار. وكانت الثورة الموريسكية في تلك الأثناء قد عمّت أنحاء البشرات الشرقية والجنوبية، واضطرمت في أجيجر وبرجة وأدرة وأندراش ودلاية ولوشار ومرشانة وشلوبانية وغيرها من البلاد والقرى، واستطاع الموريسكيون أن يتغلبوا بسهولة على معظم الحاميات الإسبانية المتفرقة في تلك الأنحاء، بل لقد سرت الثورة إلى أطراف مملكة غرناطة القديمة، حيث أندلع لهيبها في وادي المنصور وفي قراه ودساكره، ولم يتخلّف عن المشاركة في الثورة سوى رندة ومربلة ومالقة، وكانت بها حاميات إسبانية قوية، ونشبت الثورة في معظم أنحاء ألمرية، وهكذا عمّت الثورة الموريسكية معظم أنحاء الأندلس، واشتد الأمر بنوع خاص في بسطة ووادي آش وألمرية (٢).

وكان محمد بن أمية متحصناً بقواته في آكام بوكيرا الوعرة، وكان الموريسكيون رغم نقص مواردهم وسلاحهم، قد حذقوا حرب الجبال ومفاجآتها، فما كاد الإسبان يقتربون حتى انقضوا عليهم، ونشبت بين الفريقين معركة عنيفة، ارتد الموريسكيون على أثرها إلى سهول بطرنة،


(١) Prescott:Philip ١١; V. ١١١. Ch. ١١ وكذلك Dr Lea: The Moriscos; P. ٢٣٧
(٢) Marmol ; ibid, ١V , Cap. XXXV١

<<  <  ج: ص:  >  >>