التحدي، واعتزمت سحق الثوار بما ملكت، فسار الدون خوان في قواته إلى وادي آش، وسار جيش آخر من غرناطة بقيادة دون ركيصانص إلى شمالي البشرات، وسار جيش ثالث إلى بسائط رندة، واجتاح الإسبان في طريقهم كل شيء، وأمعنوا في التقتيل والتخريب. وعبثاً حاولت السرايا الموريسكية أن تقف في وجه هذا السيل، فمُزِّقت تباعاً، وهدم الإسبان الضياع والقرى والمعاقل، وأتلفت الأحراش والحقول، حتى لا يبقى للثائر من مثوى أو مصدر للقوت، وأخذت الثورة تنهار بسرعة، وفرّ كثير من الموريسكيين إلى إخوانهم في إفريقية، ولم يبق أمام الإسبان سوى مولاي عبد الله وجيشه الصغير. بيد أن مولاي عبد الله لبث معتصماً بأعماق الجبال، يحاذر الظهور أمام هذا السيل الجارف. (وفي ٢٨ تشرين الأول - أكتوبر سنة ١٥٧٠ م) أصدر فيليب الثاني قراراً بنفي الموريسكيين من مملكة غرناطة إلى داخل البلاد، ومصادرة أملاكهم العقارية، وترك أملاكهم المنقولة يتصرفون فيها، ويقضي هذا القرار بأن الموريسكيين في غرناطة والفحص ووادي الكرين (الإقليم) وجبال بونتوقير حتى مالقة، وجبال رندة ومربلة يؤخذون إلى ولاية قرطبة، ومن هناك يفرقون في أراضي ولايتي استرامادورة وجليقيه. والموريسكيون في وادي آش وبسطة ووادي المنصورة يؤخذون إلى جنجالة والبسط ثم يفرقون في أراضي قلعة رباح ومونتيل. والموريسكيون في ألمرية يؤخذون إلى ولاية إشبيلية. ونفذ القانون الجديد بمنتهى الصرامة والتحوّط، وجمع الموريسكيون المسالمون من غرناطة وبسطة ووادي آش وغيرها، وسيقوا إلى الكنائس أكداساً، يحيط بهم الجند من كل مكان، ونزعوا من أوطانهم وربوعهم العزيزة، وشتتوا على النحو المتقدم في مختلف أنحاء قشتالة وليون (١).
ووقعت أثناء تنفيذ هذا القرار مناظر دموية، حيث جنح رجال الحكومة في