للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغارات البحرية التي وقعت على الشواطئ الإسبانية بين سنتي (١٥٢٨ م و١٥٨٤ م) ثلاثاً وثلاثين غارة. هذا عدا الغارات المحلية التي كانت تقوم بها سفن صغيرة لحمل جماعة من الموريسكيين المهاجرين. وقد وصف لنا الكاتب الإسباني الكبير ثرفانتيس هذه الغارات البحرية المروّعة في صور مثيرة شيّقة، ولا غرو فقد كان هو أيضاً من ضحاياها، إذ أُسر في الغارات التي وقعت سنة (١٥٧٥ م)، وحمل أسيراً إلى الجزائر، ولبث يرسف في أسره بضعة أعوام، حتى تم افتداؤه في سنة (١٥٨٠ م) (١).

وكان ممن عمل في البحر مجاهداً في تلك الأيام ضد الإسبان، بعض أكابر الزعماء الموريسكيين المنفيين الذي غدوا من أثر الاضطهاد من ألدّ أعداء إسبانيا، مثل الريس بلانكيو Blanquillo والرئيس أحمد أبو علي من أشونَة، ومراد الكبير جواد يانو من مدينة ثيوداد ريال (المدينة الملكية) وغيرهم، وقد أبلى هؤلاء الزعماء الموريسكيون في البحر خير بلاء، وكانوا خير مرشد لإحكام الغارات البحرية على الشواطئ الإسبانية، ومضاعفة عصفها وعيثها.

ووقعت في سنة (١٦٠٢ م) غارة كبيرة، قام بها بحار مغامر يدعى: مراد الريس على مدينة لورقة الواقعة غربي قرطاجنة على مقربة من الشاطئ، وحمل عدداً من الأسرى، وكثرت الغارات في الأعوام التالية على الشاطئ الجنوبي، وظهر فيما بعد أن منظمها بحار انكليزي مغامر، يحشد في سفنه نواتية من المغاربة، وكان يعيث في الشواطئ الأندلسية، ويقتنص الأسرى النصارى، ويبيعهم عبيداً في أسواق المغرب.

وكانت ثغور تونس في ذلك الوقت نفسه، في أيام حاكمها عثمان باي (سنة ١٠٠٧ هـ،- ١٠١٩ هـ = ١٥٩٨ م - ١٦١٠ م) ملاذاً لطائفة قوية من البحارة المغامرين، كانت تتكرر غاراتهم على الشاطئ الإسباني بلا انقطاع. وكان من أشهر أولئك البحارة يومئذ، عمر محمد باي الذي اشتهر بجرأته وبراعته،


(١) Dr Lea: History of the Inquisition in Spain; V. ١١١. P. ٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>