للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل هذه النتائج تقترن دائماً بالانقلابات المفروضة" (١).

ومن الواضح أن هذا الدفاع عن النفي، يصدر عن تعصب أعمى، ومع ذلك لم يستطع أن يحجب أضرار النفي على إسبانيا فيما كتب، ولو أنه اعترف بذلك في ثنايا رده المتهافت بصورة غير مباشرة.

ويعلّق الدكتور لي، وهو من أحدث الباحثين في هذا الموضوع، على آراء المفكرين والمؤرخين الإسبان بقوله: "إذا كان نفي الموريسكيين، كما يقول مننديث إى بلايو، نتيجة محتومة لقانون تاريخي، وإذا كان قد غدا ضرورة في عهد فيليب الثالث، فقد كانت ضرورة مصطنعة، خلقها تعصب القرن السادس عشر، وإذا كان وجود المدجّنين منذ أيام ملوك ليون وقشتالة وأراغون في الأراضي الإسبانية، من الأمور المأمونة، وذلك في الوقت الذي كان فيه زعماء إسبانيا النصرانية يشغلون بحروب أهلية مضطرمة، ويواجهون دول العرب والمرابطين والموحدين القوية، وإذا كان في وسع الملوك النصارى في هذه العصور المضطربة أن يركنوا إلى ولاء رعاياهم المسلمين أثناء الحرب، وأن يفيدوا من نشاطهم أثناء السلم، فإن الضرورة السياسية للوحدة الدينية، بعد أن غدت إسبانيا دولة قوية موحدة، وغدا المسلمون طوائف ممزقة، لم تكن بلا ريب سوى ضرب من الخيال المغرق الذي يخلقه التعصب. وقد كان هذا التعصب نتيجة لتعاليم الكنيسة المستمرة، وهي التعاليم التي اعتنقتها إسبانيا مذ غدت قوة عالمية. وما إن انحدرت إسبانيا إلى طريق التعصب، حتى دفعه توقد المزاج الإسباني إلى نهايته المحتومة باكتمال لا نظير له. ولما قضت غطرسة الكاردينال خمنيس العنيفة على ثقة المسلمين في عدالة إسبانيا وشرفها، اتخذت الطريق الخطوة المحتومة في طريق لم تكن له سوى نهاية واحدة ... ولقد كان الموريسكيون بالضرورة أعداء في الداخل، حملوا بكل وسيلة على بغض دين فرض عليهم بالقوة،


(١) M. Menendez Y Pelayo: Historia de Los Heterodoxes Espanoles. P. ٣٣٩-٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>