العرب غير المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومَن بعده في أيام الرِّدّة وأيام الفتح الأول في عهد الخليفة الراشد أبي بكر الصديق ومَن بعده من الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين، فهي نصرة عقيدة لا مراء. ولكن القول بانتصار العقيدة هنا لا يغني عن كل قول، فالواقع أن الذين انتصروا بالعقيدة كانوا رجالاً أولي خبرة وقدرة يؤمنون بها ويعرفون كيف يتغلبون بها على أعدائهم؛ عقيدة منشئة يذود عنها حماة قادرون.
ْكان العرب قبل الإسلام ماهرين في حروب العصابات، ماهرين في استخدام السلاح والفروسية، لهم قابلية ممتازة على الحركة من مكان لآخر بسهولة وسرعة، وبأقل تكاليف إدارية، ولكنهم كانوا متفرقين، بأسهم بينهم شديد، لهذا كانت خبرتهم الحربية وشجاعتهم الفطرية تذهب عبثاً في الغارات والمناوشات المحليّة.
فلما جاء الإسلام، وحّد عقيدتهم، ونظّم صفوفهم، وغرس فيهم روح الضبط والطّاعة، وطهّر نفوسهم، ونقّى أرواحهم، وأشاع بينهم انسجاماً فكرياً، فأصبحت قوتهم المبعثرة وجهودهم المضاعة قبل الإسلام تعمل بنظام دقيق وضبط متين بعد الإسلام بقيادة واحدة لهدف واحد، وأصبح المؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها إخوة يتحابون بنور الله ويهتدون بهديه، وهم أمة واحدة تحيتها السلام ورايتها السلام، ودينها الإسلام.
كما دفعت هذه العقيدة إلى نفوس المسلمين جميعاً حمية سمت بهم إلى الإيمان بأنهم لا غالب لهم من دون الله، وحبّبت إليهم الاستشهاد في سبيل الحق، وجعلتهم يرون هذا الاستشهاد نصراً دونه كل نصر، كما بعثت فيهم روح الاعتزاز بالنفس، والشعور بأن عليهم رسالة واجبة الأداء للعالم. كما غرست هذه العقيدة في نفوس المسلمين الإيمان المطلق بالقضاء والقدر، لذلك استهانوا بالموت، وأقدموا عليه فرحين مستبشرين.
إنّ مجمل عوامل انتصار الفاتحين المسلمين هي نشاط العرب ومثلهم البربر وخفّة أثقالهم، وشجاعتهم، وحسن تدريبهم على أسلحتهم، ومهارتهم في